للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ إذَا شُرِطَ الْخَلَاصُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا قَضَيَا بِالْخَلَاصِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: عَلَيْهِ أَنْ يُخَلِّصَ الْمَبِيعَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَحِقِّ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي إذَا شُرِطَ الْخَلَاصُ، وَهَذَا كُلُّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْتِزَامَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَرَدُّ الثَّمَنِ إنْ عَجَزَ عَنْهُ، وَمِنْ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ يَقُولُ: إنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لَهُ وَاشْتَرَطَ الْخَلَاصَ فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ أَوْ تَسْلِيمُ مِثْلِهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَلَكَهُ فَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فِي ضَمَانِ الدَّرَكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا بَيْنَهُمَا فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ كَفَالَةَ إنْسَانٍ بِالدَّرَكِ فَفِي الْقِيَاسِ يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ إذَا كَانَ فُلَانٌ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ، وَكَفَلَ يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ لَا يَصِحُّ فَلِلتَّحَرُّزِ عَنْ ذَلِكَ يَكْتُبُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْعَقْدِ.

وَيُكْتَبُ: وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِجَمِيعِ مَا أَدْرَكَ فُلَانٌ فِيهَا، وَأَيُّهُمَا شَاءَ فُلَانٌ يَأْخُذُهُ بِذَلِكَ تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: إنَّ مُطْلَقَ الْكَفَالَةِ يُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ، وَيَكْتُبُ: إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَحَدَهُمَا تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ شُبْرُمَةَ فَإِنَّ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ مَا اخْتَارَ مُطَالَبَةَ أَحَدِهِمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ فَيَكْتُبَ مَنْ شَاءَ وَكَمَا شَاءَ تَحَرُّزًا مِنْ قَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: إنَّهُ بَعْدَ مَا اخْتَارَ مُطَالَبَةَ أَحَدِهِمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ إلَّا أَنْ يَتْوَى حَقُّهُ عَلَى الَّذِي طَالَبَهُ بِهِ ثُمَّ يَكْتُبَ حَتَّى يُسَلِّمَا لَهُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ يَرُدَّا عَلَيْهِ ثَمَنَهَا، وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا فَيَكُونَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِلْخَلَاصِ، وَلِيَحْصُلَ بِهِ التَّحَرُّزُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ الْمَجْهُولِ لَا تَصِحُّ ثُمَّ تَفْسِيرُ الدَّرَكِ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْمَبِيعَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَأَمَّا إذَا هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ فَهَذَا لَا يَكُونُ دَرَكًا حَتَّى لَا يَرْجِعَ عَلَى ضَامِنِ الدَّرَكِ بِشَيْءٍ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

قَالَ إذَا بَاعَ جَارِيَةً مِنْ إنْسَانٍ، وَضَمِنَ لَهُ آخَرُ تَسْلِيمَهَا فَهَلَكَتْ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الضَّامِنِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ بِهَذَا اللَّفْظِ الْتَزَمَ مَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْبَائِعِ، وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ بِالْمَالِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ يَرُدُّ الثَّمَنَ فَالضَّامِنُ بِهَذَا اللَّفْظِ يَكُونُ مُلْتَزِمًا ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ ضَمِنَ الدَّرَكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ رَجُلَيْنِ، فَأَرَادَ أَنْ يَضْمَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَدْرَكَهُ فِيهِ كَتَبَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ كَفِيلَانِ ضَامِنَانِ لِمَا أَدْرَكَ فُلَانٌ مِنْ دَرَكٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ ضَامِنٌ لِمَا أَدْرَكَ فُلَانٌ مِنْ دَرَكِ فُلَانٍ فِيهَا وَأَهْلُ الشُّرُوطِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَقُولُونَ: يُرِيدُ فِي هَذَا الْكِتَابِ اشْتَرَى مِنْهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>