وَالِانْتِفَاعُ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى وَالْبَيْتُوتَةُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَرَى أَنْ يَكْتُبَ الْحُدُودَ الْحَدُّ الْأَوَّلُ، وَمِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ دَارُ فُلَانٍ، وَالْحَدُّ الثَّانِي فِي شَرْقِيِّ الدَّارِ دَارُ فُلَانٍ وَالْحَدُّ الثَّالِثُ: دُبُرُ الْقِبْلَةِ دَارُ فُلَانٍ وَالْحَدُّ الرَّابِعُ: الْغَرْبِيُّ دَارُ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْقِبْلَةِ أَشْرَفُ الْجِهَاتِ فَالْبِدَايَةُ أَوْلَى مِنْهَا، وَإِنْ شَاءَ بَدَأَ بِالْغَرْبِيِّ وَدَارَ عَلَيْهَا، وَإِنْ شَاءَ بَدَأَ بِاَلَّذِي هُوَ دُبُرَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ سَمَّى الَّذِي يَلِيهُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ ذَلِكَ أَيْضًا لَمْ يَضُرَّهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْإِعْلَامُ وَبِذِكْرِ الْحُدُودِ صَارَ مَعْلُومًا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ أَوْ دُبُرِ الْقِبْلَةِ، وَالْكَلَامُ فِي قَوْلِهِ أَحَدُ حُدُودِهَا دَارُ فُلَانٍ وَانْتَهَى إلَى دَارِ فُلَانٍ أَوْ لَزِيقَ دَارِ فُلَانٍ كَمَا بَيَّنَّا.
وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى بَيْتًا عُلْوًا فِي الدَّارِ لَيْسَ لَهُ سُفْلٌ كَتَبَ اشْتَرَى مِنْهُ الْبَيْتَ الَّذِي فِي عُلْوِ الدَّارِ الَّتِي فِي بَنِي فُلَانٍ وَيَذْكُرُ حُدُودَ الدَّارِ ثُمَّ يَقُولُ: وَهَذَا الْبَيْتُ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فِي مَوْضِعِ كَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْهَدِمُ ذَلِكَ الْبَيْتُ فَيَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي إلَى إعَادَتِهِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ مِنْ الدَّارِ مَعْلُومًا، وَإِعْلَامُ مَوْضِعِهِ بِإِعْلَامِ مَوْضِعِ الْبَيْتِ الَّذِي هَذَا عُلْوُهُ فَيَكْتُبُ، وَهُوَ عُلْوٌ سُفْلُهُ لِفُلَانٍ أَحَدُ حُدُودِ الْبَيْتِ الَّذِي هَذَا الْبَيْتُ عَلَيْهِ، وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعُلْوِ حُدُودٌ، وَإِنَّمَا الْحُدُودُ لِلسُّفْلِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَوْلَ هَذَا الْعُلْوِ حُجْرَةٌ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ حُدُودَ الْعُلْوِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْعُلْوُ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ إعْلَامُ الْمَبِيعِ بِذِكْرِ حُدُودِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ حُدُودِ الْمَبِيعِ، ثُمَّ يَكْتُبُ أَشْتَرِي مِنْهُ هَذَا الْبَيْتَ الَّذِي حَدَّدْنَا سُفْلَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِي كِتَابِنَا هَذَا بِحُدُودِهِ كُلِّهِ وَأَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَطَرِيقِهِ فِي الدَّرَجِ، وَفِي سَاحَةِ الدَّارِ إلَى بَابِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ، وَإِلَى عُلْوِ الْبَيْتِ مُسَلَّمًا، قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ مَوْضِعَ الدَّرَجِ مِنْ الدَّارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقَلُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ فَرُبَّمَا يَنْتَفِعُ بِهِ صَاحِبُ الْعُلْوِ فِي جَانِبٍ وَيَتَضَرَّرُ بِهِ فِي جَانِبٍ آخَرَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ نَرَى أَنْ يَكْتُبَ، وَقَدْ نَقَدَ فُلَانُ بْنِ فُلَانٍ الثَّمَنَ كُلَّهُ، وَقَبَضَهُ فُلَانٌ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَقُولُ: لَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ إذَا نَقَدَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَسْتَفِيدُ الْمُشْتَرِي بِالْبَرَاءَةِ مَا لَمْ يَقْبِضُهُ الْبَائِعُ مِنْهُ فَلِلتَّحَرُّزِ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ تُذْكَرُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ.
وَإِنْ كَانَ بَيْتٌ فَوْقَهُ بَيْتٌ فَاشْتَرَاهُمَا جَمِيعًا كَتَبَ: أَشْتَرِي مِنْهُ بَيْتَيْنِ مِنْ الدَّارِ الَّتِي فِي بَنِي فُلَانٍ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ اسْمِ الْبَيْتَيْنِ يَتَنَاوَلُ بَيْتَيْنِ مُتَلَاصِقَتَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُفْلٌ فَيَذْكُرُ: أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ، وَيَكْتُبُ: هَذَا الْبُنْيَانُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا، أَحَدُ حُدُودِ الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ كَذَا؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ لِلْبَيْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute