للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ دَفَعْتهَا إلَيْهِ، وَهَذَا الْبِنَاءُ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ اسْتِيفَاءَ شَيْءٍ مِنْ الْأَجْرِ وَالْبِنَاءُ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ فَاتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ مِلْكٌ لَهُ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَأْجِرِ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْبِنَاءَ لَهُ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا، فَإِذَا ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَنَى هَذَا الْبِنَاءَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ مَا ادَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُصَدَّقَ فِي النَّفَقَةِ عَجَّلَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ ثُمَّ يَدْفَعُهُ رَبُّ الدَّارِ إلَيْهِ، وَيُوَكِّلُهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى دَارِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ حِينَئِذٍ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ، وَفِي هَذَا الْهَلَاكِ إذَا ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّ بِالتَّعْجِيلِ مَلَكَ الْأَجْرَ الْمَقْبُوضَ وَبَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ ثُمَّ إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ لِيُنْفِقَهُ فِي دَارِهِ كَانَ أَمِينًا فِي ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ فِي الْمُحْتَمَلِ مَعَ الْيَمِينِ كَالْمُودَعِ يَدَّعِي رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ هَلَاكَهَا إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يُكَذِّبُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ كَالْوَصِيِّ يَدَّعِي الْإِنْفَاقَ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ يُصَدَّقُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ.

وَإِذَا خَافَ رَبُّ الدَّارِ أَنْ يَتْبَعَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي رَدِّ الدَّارِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَأَجَرَهَا مِنْهُ سَنَةً مِنْ يَوْمِهِ عَلَى أَنَّ أُجْرَتَهَا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ تَكُونُ كُلَّ يَوْمٍ دِينَارًا فَيَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ يَكُونُ مُضَافًا إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبِلِ وَإِضَافَةُ الْإِجَارَةِ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبِلِ صَحِيحٌ فَبَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَا يَمْتَنِعُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ رَدِّ الدَّارِ مَخَافَةَ أَنْ يَلْزَمَهُ كُلَّ يَوْمٍ دِينَارٌ، فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: أَنَا لَا آمَنُ أَنْ يَغِيبَ رَبُّ الدَّارِ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَلَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَرُدَّهَا عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُنِي كُلَّ يَوْمٍ دِينَارٌ فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ: أَنْ يَجْعَلَا بَيْنَهُمَا عَدْلًا وَيَسْتَأْجِرَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ مِنْ الْعَدْلِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ حَتَّى إذَا مَضَتْ السَّنَةُ، وَتَغَيَّبَ رَبُّ الدَّارِ يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ رَدِّهَا عَلَى الْعَدْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ الدِّينَارُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ يَوْمٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلُزُومُ الْعَقْدِ يَكُونُ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يَهِلُّ فِيهَا الْهِلَالُ فَالْحِيلَةُ: أَنْ يُمْضِيَهُ قَبْلَ الْفَسْخِ لِيَلْزَمَ الْعَقْدُ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ الدَّاخِلِ، فَإِذَا خَافَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَبْعَثَ الْأَجْرَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي يُهِلُّ فِيهَا الْهِلَالُ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَجْعَلَا بَيْنَهُمَا عَدْلًا حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ مَعَ الْعَدْلِ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مَنْ يَقُولُ إذَا أَدَّى الْأَجْرَ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، وَمِنْ عَزْمِهِ الْفَسْخُ عِنْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهُ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ فَسَخْت الْعَقْدَ بَيْنِي وَبَيْنَك، وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ بِالشَّرْطِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَهُ: فَسَخْت الْإِجَارَةَ بَيْنِي وَبَيْنَك رَأْسَ الشَّهْرِ فَتَكُونُ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>