فُلَانٌ فَالصُّلْحُ بَيْنَهُمَا صَحِيحٌ.
وَإِذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ إلَى كَذَا فَالْمَالُ عَلَيْهِ وَأَخَذَ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَطْلُوبِ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الرَّهْنِ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ، وَمَا وَجَبَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمَطْلُوبِ مَالُهُ، وَالْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ بِالنَّفْسِ فَكَيْفَ يَصِحُّ الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ فِي ذَلِكَ فَالْوَجْهُ أَنْ يَبْدَأَ بِضَمَانِ الْمَالِ فَيَقُولَ: أَنَا ضَامِنٌ لِمَا لَكَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ، فَإِنْ وَافَيْت بِهِ إلَى كَذَا مِنْ الْأَجَلِ، فَأَنَا بَرِيءٌ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْتَهِنَ مِنْهُ رَهْنًا بِمَا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا وَجَبَ الْمَالُ لِلطَّالِبِ عَلَى الْكَفِيلِ وَجَبَ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَيَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ مِنْهُ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فَقَطْ، وَأَرَادَ الْكَفِيلُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَطْلُوبِ رَهْنًا وَلَا إشْكَالَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا فَإِنَّ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ لَا تَسْتَدْعِي دَيْنًا وَاجِبًا، وَصِحَّةُ الرَّهْنِ تَسْتَدْعِي ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِالدَّرْكِ، وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالدَّرْكِ ثُمَّ الْحِيلَةُ فِي هَذَا: أَنْ يُقِرَّ الْمَطْلُوبُ أَنَّ هَذَا الْكَفِيلَ ضَمِنَ عَنْهُ مَالًا لِرَجُلٍ مِنْ النَّاسِ بَاشَرَهُ وَلَا يُسَمِّيَ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَلَا مِقْدَارَ الْمَالِ ثُمَّ يُعْطِيَهُ رَهْنًا بِذَلِكَ فَيَكُونَ صَحِيحًا فِي الْحُكْمِ، وَيَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَطْلُوبِ فِي مِقْدَارِ ذَلِكَ الْمَالِ، فَيُمَكَّنَ بِأَدَائِهِ مِنْ إخْرَاجِ الرَّهْنِ، فَإِنْ قَالَ الْكَفِيلُ: مَقْصُودِي لَا يَتِمُّ بِهَذَا وَرُبَمَا يَقُولُ: الْمَطْلُوبُ بَعْدَ كَفَالَتِي بِالنِّصْفِ أَنَّ الْمَالَ دِرْهَمٌ فَيُعْطِينِي ذَلِكَ وَيَسْتَرِدَّ النِّصْفَ فَالسَّبِيلُ أَنْ يَجْعَلَا بَيْنَهُمَا عَدْلًا ثِقَةً يَثِقَانِ بِهِ، وَيَكُونَ ارْتِهَانُ الْكَفِيلِ مِنْ ذَلِكَ الْعَدْلِ بِأَمْرِ الْمَطْلُوبِ فَلَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ الرَّهْنَ قَبْلَ بَرَاءَتِهِ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ.
رَجُلٌ أَخَذَ مِنْ غَرِيمِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ يَوْمَ كَذَا فَالْكَفِيلُ ضَامِنٌ لِنَفْسِ فُلَانٍ غَرِيمٌ آخَرُ لِلطَّالِبِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَنَا يَعْنِي قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَلَا آمَنُ أَنْ يُبْطِلَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَعْنِي أَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا لَا يَجُوزُ، فَالْفِقْهُ فِيهِ أَنْ يَكْفُلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ وَافَى بِفُلَانٍ أَحَدُهُمَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ كَذَا فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ الْأُخْرَى فَيَكُونُ جَائِزًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْبَرَاءَةَ عَلَى الْكَفَالَتَيْنِ بِالْمُوَافَاةِ وَبِنَفْسِ أَحَدِهِمَا، وَكَمَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ بِالْمُوَافَاةِ بِالْمَالِ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْكَفَالَتَيْنِ بِالْمُوَافَاةِ بِنَفْسِ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ يَوْمَ غَدٍ فَمَا عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ عَلَى الْكَفِيلِ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ وَالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ كَفَلَ بِالنَّفْسِ كَفَالَةً مُطْلَقَةً فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ وَعَلَّقَ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ بِحَظْرِ عَدَمِ الْمُوَافَاةِ، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ: لَا آمَنُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute