فِي بَيْتٍ وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّارِ مَقَاصِيرُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَقْصُورَةٍ عَلَى حِدَةٍ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: هُنَا الدَّارُ مَسْكَنٌ وَاحِدٌ وَالْمَقَاصِيرُ فِيهَا كَالْبُيُوتِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يُتَّخَذُ الْمَرَافِقُ كَالْمَطْبَخِ وَالْمَرْبِطِ؟ فَعَرَفْنَا أَنَّ جَمِيعَهَا فِي السُّكْنَى مَسْكَنٌ وَاحِدٌ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ كُلُّ مَقْصُورَةٍ مَسْكَنٌ عَلَى حِدَةٍ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ السَّارِقَ مِنْ بَعْضِ الْمَقَاصِيرِ لَوْ أَخَذَ فِي صَحْنِ الدَّارِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ كَانَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَإِنَّ سَاكِنَ إحْدَى الْمَقْصُورَتَيْنِ لَوْ سَرَقَ مِنْ الْمَقْصُورَةِ الْأُخْرَى مَتَاعَ صَاحِبِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ؟ فَكَانَتْ الْمَقَاصِيرُ فِي دَارٍ بِمَنْزِلَةِ الدُّورِ فِي مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْبُيُوتِ فَكُلُّ بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ لَيْسَ بِمَسْكَنٍ عَلَى حِدَةٍ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْكُلَّ حِرْزٌ وَاحِدٌ حَتَّى إنَّ السَّارِقَ مِنْ بَيْتٍ إذَا أَخَذَ فِي صَحْنِ الدَّارِ وَمَعَهُ مَتَاعٌ لَمْ يُقْطَعْ وَالضَّيْفُ الَّذِي هُوَ مَأْذُونٌ بِالدُّخُولِ فِي إحْدَى الْبَيْتَيْنِ إذَا سَرَقَ مِنْ الْبَيْتِ الْآخَرِ لَمْ يُقْطَعْ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْكُلَّ مَسْكَنٌ وَاحِدٌ هُنَاكَ
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي دَارٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَحْنَثُ وَجَعَلَ الدُّخُولَ عَلَيْهِ فِي الدَّارِ كَالدُّخُولِ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ، وَإِنَّمَا الدُّخُولُ عَلَى الْغَيْرِ فِي الْعُرْفِ بِأَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا هُوَ فِيهِ أَوْ مَقْصُورَةً هُوَ فِيهَا عَلَى قَصْدِ زِيَارَتِهِ فَمَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَمَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَالُوا: فِي عُرْفِ دِيَارِنَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَمَا يَجْلِسُ فِي بَيْتِهِ لِيَزُورَهُ النَّاسُ يَجْلِسُ فِي دَارِهِ لِذَلِكَ فَكَانَ ذَلِكَ مَقْصُودًا بِيَمِينِهِ قَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي دِهْلِيزٍ لَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ، وَمُرَادُهُ مِنْ ذَلِكَ دِهْلِيزٌ إذَا رَدَّ الْبَابَ يَبْقَى خَارِجًا فَإِمَّا كُلُّ مَوْضِعٍ إذَا رَدَّ الْبَابَ يَبْقَى دَاخِلًا، فَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَجْلِسُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَزُورَهُ النَّاسُ فِيهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَّا بِإِذْنِهِ؟ بِخِلَافِ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ خَارِجَ الْبَابِ فَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَصِلَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ بِدُونِ إذْنِهِ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَرْطَ حِنْثِهِ، وَلَا يُسَمَّى دُخُولًا عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ مَنْزِلًا وَحَلَفَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْحَالِفِ الْأَوَّلِ مَنْزِلًا فَدَخَلَا مَعًا لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَاخِلَ الْمَنْزِلِ وَلَكِنْ مَعَ صَاحِبِهِ لَا عَلَى صَاحِبِهِ فَالدُّخُولُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ عِنْدَ الدُّخُولِ لِقَاءَهُ وَإِكْرَامَهُ بِالزِّيَارَةِ، وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ إذَا كَانَ هُوَ مَعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَاخِلًا عَلَى صَاحِبِهِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَنْ يُجْعَلَ دَاخِلًا عَلَى صَاحِبِهِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَطَأُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute