للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَهُرَتْ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ خَمْسَتِهَا ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ فَحَيْضُهَا خَمْسَتُهَا عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ الْخَمْسَةِ وَخَتْمُهَا بِالطُّهْرِ لِوُجُودِ الدَّمِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ مُحِيطًا بِطَرَفَيْ الْعَشَرَةِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ الطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ فَاصِلًا بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَإِلَّا كَانَ فَاصِلًا، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يُجَوِّزُ بِدَايَةَ الْحَيْضِ وَلَا خَتْمَهُ بِالطُّهْرِ قَالَ: لِأَنَّ الطُّهْرَ ضِدُّ الْحَيْضِ فَلَا يَبْدَأُ الشَّيْءُ بِمَا يُضَادُّهُ وَلَا يُخْتَمُ بِهِ وَلَكِنَّ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ يُجْعَلُ تَبَعًا لَهُمَا كَمَا قُلْنَا فِي الزَّكَاةِ أَنَّ كَمَالَ النِّصَابِ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَنُقْصَانَهُ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ لَا يَضُرُّ.

وَبَيَانُ هَذَا مِنْ الْمَسَائِلِ لَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَمَانِيَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا أَوْ رَأَتْ سَاعَةً دَمًا وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ غَيْرَ سَاعَتَيْنِ طُهْرًا وَسَاعَةً دَمًا فَالْعَشَرَةُ كُلُّهَا حَيْضٌ لِإِحَاطَةِ الدَّمِ بِطَرَفَيْ الْعَشَرَةِ، وَلَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَسَبْعَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهُ حَيْضًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مَعَ هَذَا شَرْطًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْئِيُّ فِي أَكْثَرِ الْحَيْضِ مِثْلَ أَقَلِّهِ فَإِنْ وُجِدَ هَذَا الشَّرْطُ فَالطُّهْرُ الْمُتَخَلِّلُ لَا يَكُونُ فَاصِلًا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ كَانَ فَاصِلًا، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهُ حَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْحَيْضَ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَهُوَ اسْمٌ لِلدَّمِ فَإِذَا بَلَغَ الْمَرْئِيُّ هَذَا الْمِقْدَارَ كَانَ قَوِيًّا فِي نَفْسِهِ فَجُعِلَ أَصْلًا وَمَا يَتَخَلَّلُهُ مِنْ الطُّهْرِ تَبَعًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ الدَّمُ دُونَ هَذَا كَانَ ضَعِيفًا فِي نَفْسِهِ لَا حُكْمَ لَهُ إذَا انْفَرَدَ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ زَمَانِ الطُّهْرِ حَيْضًا تَبَعًا.

وَبَيَانُ هَذَا مِنْ الْمَسَائِلِ لَوْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَمَانِيَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهُ حَيْضًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْئِيَّ مِنْ الدَّمِ دُونَ الثَّلَاثِ، وَلَوْ رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَسَبْعَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَالْعَشَرَةُ حَيْضٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْئِيَّ بَلَغَ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَيْضِ وَكَذَلِكَ إنْ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَأَرْبَعَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَةً طُهْرًا وَيَوْمًا دَمًا فَالْعَشَرَةُ حَيْضٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَالْأَصْلُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَنَّ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ إذَا كَانَ دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَصِيرُ فَاصِلًا فَإِذَا بَلَغَ الطُّهْرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ نُظِرَ فَإِنْ اسْتَوَى الدَّمُ بِالطُّهْرِ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ أَوْ كَانَ الدَّمُ غَالِبًا لَا يَصِيرُ فَاصِلًا، وَإِنْ كَانَ الطُّهْرُ غَالِبًا يَصِيرُ فَاصِلًا فَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ حَيْضًا لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهُ حَيْضًا، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا بِانْفِرَادِهِ حَيْضًا إمَّا الْمُتَقَدِّمُ أَوْ الْمُتَأَخِّرُ يُجْعَلُ ذَلِكَ حَيْضًا، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ حَيْضًا يُجْعَلُ الْحَيْضُ أَسْرَعَهُمَا إمْكَانًا وَلَا يَكُونُ كِلَاهُمَا حَيْضًا إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا طُهْرٌ تَامٌّ، وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>