للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تِلْكَ الصَّبِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا ابْنَةُ أَخِيهِ، وَلَا لِعَمِّهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا ابْنَةُ ابْنِ أَخِيهِ، وَلَا لِابْنِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَلَا لِابْنِ ابْنِهِ، وَإِنْ سَفَلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا عَمَّتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِخَالِ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا بِنْتُ ابْنِ أُخْتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِهَذَا الصَّبِيِّ الْمُرْضَعِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ الْمُرْضِعَةِ وَلَا جَدَّتَهَا وَلَا أُخْتَهَا وَلَا خَالَتَهَا وَلَا عَمَّتَهَا اعْتِبَارًا لِلرَّضَاعِ بِالنَّسَبِ

وَإِذَا أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ صَبِيَّةً لَمْ يَكُنْ لِابْنِهَا وَلَا لِابْنِ ابْنِهَا وَلَا لِابْنِ ابْنَتِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ وَعَمَّتُهُ

وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً أَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَكَبِرَ ذَلِكَ الصَّبِيُّ وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَكُنْ لِزَوْجِ الْمُرْضِعَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ؛ لِأَنَّهَا حَلِيلَةُ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ حَلِيلَةُ الِابْنِ مِنْ الرَّضَاعَةِ كَمَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّهَا لَمْ تَحْرُمْ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» قَالَ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَةِ ابْنِهِ نَسَبٌ، وَإِنَّمَا حَرُمَتْ عَلَى الْأَبِ بِسَبَبِ النَّسَبِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ بِسَبَبِ النَّسَبِ وَلَكِنْ نَقُولُ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْحُرْمَةَ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ تُعْتَبَرُ بِحُرْمَةِ النَّسَبِ وَهَذِهِ الْحُرْمَةُ تَثْبُتُ بِالنَّسَبِ فَكَذَلِكَ بِالرَّضَاعِ قَالَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى هَذَا وَالتَّنَزُّهُ عَنْهَا أَفْضَلُ وَبِمِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ لَيْسَ مِنْ تَصْنِيفِ مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

قَالَ: وَإِذَا نَزَلَ لِلْبِكْرِ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا، فَإِنَّهَا تَكُونُ أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ وَهُوَ الْإِرْضَاعُ قَدْ تَحَقَّقَ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ أُمًّا وَهِيَ بِكْرٌ؟ وَكَمَا لَا تُتَصَوَّرُ الْأُمِّيَّةُ مِنْ حَيْثُ النَّسَبِ مَعَ بَقَاءِ صِفَةِ الْبَكَارَةِ فَكَذَلِكَ لَا تُتَصَوَّرُ الْأُمِّيَّةُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَعَ بَقَاءِ صِفَةِ الْبَكَارَةِ قُلْنَا هَذَا تَلْبِيسٌ، فَإِنَّ الْحُكْمَ مَبْنِيٌّ عَلَى السَّبَبِ وَالْأُمِّيَّةُ مِنْ النَّسَبِ سَبَبِيَّةُ الْوِلَادَةِ، وَلَا تُتَصَوَّرُ الْوِلَادَةُ مَعَ بَقَاءِ صِفَةِ الْبَكَارَةِ وَتُتَصَوَّرُ الْأُمِّيَّةُ مِنْ الرَّضَاعِ مَعَ بَقَاءِ صِفَةِ الْبَكَارَةِ وَثُبُوتُ الْحُكْمِ يَتَقَرَّرُ بِسَبَبِهِ

وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِنَّهَا تُثْبِتُ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ بَيْنَ هَذَا الصَّبِيِّ وَبَيْنَ زَوْجِهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ الْإِرْضَاعُ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ نُزُولِ اللَّبَنِ لَهَا كَانَ وَطْءَ ذَلِكَ الزَّوْجِ فَمَا بَقِيَ ذَلِكَ اللَّبَنُ يَكُونُ مُضَافًا إلَى ذَلِكَ السَّبَبِ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ أَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ مَا لَمْ تَحْبَلْ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ لَيْسَ سَبَبًا لِنُزُولِ اللَّبَنِ لَهَا فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ أَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالزَّوْجِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَلِدْ مِنْ الثَّانِي فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ أَرْضَعَتْ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ حُكْمُ الرَّضَاعِ لِلثَّانِي، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>