حَاضَتْ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَ حِيَضٍ دُونَ الْأُخْرَى فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا أَنْ يَطَأَهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ أُخْتَهَا فِي عِدَّتِهِ، وَلَوْ وَلَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدًا، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْزَمُ الَّذِي وَطِئَ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَهَذَا الْجَوَابُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ فِرَاشَهُ صَحِيحٌ وَفِرَاشُ الْوَاطِئِ فَاسِدٌ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَةِ إذَا نُعِيَ إلَى الْمَرْأَةِ زَوْجُهَا فَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ حَيًّا، وَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَقَدْ وَطِئَهَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْ الْوَاطِئِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعُلُوقَ سَبَقَ وَطْأَهُ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا عَلَّقَتْ بِهِ عَلَى فِرَاشِهِ
وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْأَخَوَيْنِ دَخَلَ بِامْرَأَةِ أَخِيهِ فَوَطِئَهَا وَالْآخَرُ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَطَأْهَا، فَإِنَّ الْوَاطِئَ يَغْرَمُ مَهْرَ مِثْلِ الْمَوْطُوءَةِ وَتُرَدُّ عَلَى زَوْجِهَا وَلَكِنْ لَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْ الْوَاطِئِ، وَلَا مَهْرَ عَلَى الْآخَرِ الَّتِي أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا نِكَاحٌ وَبِمُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ إنَّمَا تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ لِضَرُورَةِ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ فَتُرَدُّ عَلَى زَوْجِهَا وَلَكِنْ لَا يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ أُخْتَهَا فِي عِدَّتِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ وَطِئَهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا تُوجِبُ الْحَدَّ إذَا تَعَرَّى عَنْ التَّسْمِيَةِ، وَلَا يُوجِبُ الْمَهْرَ، وَلَا الْعِدَّةَ عِنْدَ تَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ أَيْضًا قَالَ، وَقَدْ اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ وَطِئَ الْمَرْأَةَ الَّتِي أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَيَغْرَمَ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ وَيَتَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمَوْطُوءَةَ فَيَغْرَمَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا بِالدُّخُولِ الْأَوَّلِ وَالْمَهْرَ بِالنِّكَاحِ، وَهَذَا الْفَصْلُ مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ بَيَّنَّا حِكَايَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ فَبِهَذَا اسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ لَيْسَ مِنْ تَصْنِيفِ مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَإِنَّهُ فِي تَصْنِيفَاتِهِ لَا يَسْتُرُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَدْ سَتَرَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ: وَقَدْ اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَلَوْ كَانَ هَذَانِ الْأَخَوَانِ تَزَوَّجَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ فَأُدْخِلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى زَوْجِ صَاحِبَتِهَا فَهَذَا وَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا حَاضَتْ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَ حِيَضٍ دُونَ الْأُخْرَى كَانَ لِلزَّوْجِ الَّذِي حَاضَتْ امْرَأَتُهُ أَنْ يَطَأَهَا؛ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنَّمَا كَانَ لَا يَطَؤُهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ أُخْتَهَا فِي عِدَّتِهَا وَهُنَا الَّتِي فِي عِدَّتِهِ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْ زَوْجَتِهِ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ غَيْرِهِ
وَلَوْ أَنَّ أَجْنَبِيَّيْنِ تَزَوَّجَا أُخْتَيْنِ فَأُدْخِلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى زَوْجِ أُخْتِهَا كَانَ الْجَوَابُ فِيهَا مِثْلَ ابْنَةٍ وَأُمِّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute