وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَالْبِدْعَةِ لَا يُؤْتَى بِهِ فَإِنَّ التَّحَرُّزَ عَنْ الْبِدْعَةِ وَاجِبٌ، وَفِيمَا تُصَلِّي تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ آيَةً وَاحِدَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَثَلَاثَ آيَاتٍ عِنْدَهُمَا قَدْرَ مَا يَتِمُّ بِهِ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ وَمِنْ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يَقُولُ: تَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ، وَفِي السُّنَنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ تَعَيَّنَتْ وَاجِبَةً فِي حَقِّ الْعَمَلِ فَلَا تَتْرُكُ قِرَاءَتَهَا، وَلَا تَقْرَأُ السُّورَةَ مَعَهَا كَمَا لَا تَقْرَأُ خَارِجَ الصَّلَاةِ آيَةً تَامَّةً مِنْ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ لَا يُؤْتَى بِهِ، وَكَذَلِكَ لَا تَمَسُّ الْمُصْحَفَ وَلَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ؛ لِأَنَّهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ عَلَى احْتِمَالِ أَنَّهَا حَائِضٌ، وَلَيْسَ لِلْحَائِضِ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَلَا دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَلَا قِرَاءَةُ آيَةٍ تَامَّةٍ مِنْ الْقُرْآنِ، فَإِنْ سَمِعَتْ سَجْدَةً فَسَجَدَتْ كَمَا سَمِعَتْ سَقَطَتْ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ طَاهِرَةً فَقَدْ أَدَّتْ مَا لَزِمَهَا، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَا تَجِبُ السَّجْدَةُ عَلَى الْحَائِضِ بِالسَّمَاعِ، وَإِنْ سَجَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ يَلْزَمُهَا أَنْ تُعِيدَهَا بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لِجَوَازِ أَنَّ سَمَاعَهَا كَانَ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ فَلَزِمَتْهَا السَّجْدَةُ ثُمَّ أَدَّتْ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهَا فَإِذَا أَعَادَتْ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ تَيَقَّنَتْ أَنَّ إحْدَاهُمَا كَانَتْ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ، وَإِنْ حَجَّتْ فَلَا تَأْتِي بِطَوَافِ التَّحِيَّةِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ لَا يُؤْتَى بِهِ فَأَمَّا طَوَافُ الزِّيَارَةِ فَرُكْنُ الْحَجِّ لَا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ ثُمَّ تُعِيدَهُ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لِتَتَيَقَّنَّ أَنَّ أَحَدَهُمَا حَصَلَ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ فَتَتَحَلَّلُ بِهِ بِيَقِينٍ وَتَأْتِي بِطَوَافِ الصَّدْرِ ثُمَّ لَا تُعِيدُهُ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الصَّدْرِ وَاجِبٌ عَلَى الطَّاهِرِ دُونَ الْحَائِضِ، فَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فَلَيْسَ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً فَقَدْ أَتَتْ بِهِ وَلَا يَطَؤُهَا زَوْجُهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا تَتَحَقَّقُ فِيهِ الضَّرُورَةُ وَلَكِنَّهُ اقْتِضَاءٌ لِلشَّهْوَةِ، وَهُوَ حَرَامٌ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِلزَّوْجِ أَنْ يَتَحَرَّى وَيَطَأَهَا بِالتَّحَرِّي؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فِي حَالَةِ الطُّهْرِ، وَزَمَانُ الطُّهْرِ أَكْثَرُ مِنْ زَمَانِ الْحَيْضِ، وَعِنْدَ غَلَبَةِ الْحَلَالِ يَجُوزُ التَّحَرِّي كَالْمَسَالِيخِ إذَا اخْتَلَطَتْ، وَالْحَلَالُ غَالِبٌ عَلَى الْمَيْتَةِ وَلَكِنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ التَّحَرِّيَ فِي بَابِ الْفُرُوجِ لَا يَجُوزُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ التَّحَرِّي فِي الْجَوَارِي، وَإِنَّمَا التَّحَرِّي فِيمَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ بِالْإِذْنِ دُونَ الْمِلْكِ، وَلَا تُفْطِرُ فِي شَيْءٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرِ رَمَضَانَ يَلْزَمُهَا قَضَاءُ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ حَيْضُهَا فِي الشَّهْرِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ سَوَاءٌ كَانَ الشَّهْرُ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا؛ لِأَنَّ بَاقِيَ الشَّهْرِ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَيْضِ طُهْرٌ.
فَإِنْ انْتَقَصَ الشَّهْرُ فَظُهُورُ ذَلِكَ النُّقْصَانِ فِي الطُّهْرِ لَا فِي الْحَيْضِ ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِاللَّيْلِ أَوْ تَعْلَمَ أَنَّ ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا كَانَ يَكُونُ بِالنَّهَارِ أَوْ لَا تَتَذَكَّرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute