للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْبَيْتِ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا عُرْيَانٌ» فَبِسَبَبِ الْكَشْفِ يَتَمَكَّنُ نُقْصَانٌ فِي الطَّوَافِ، فَأَمَّا اشْتِرَاطُ طَهَارَةِ الثَّوْبِ لَيْسَ لِأَجْلِ الطَّوَافِ عَلَى الْخُصُوصِ فَلَا يَتَمَكَّنُ بِتَرْكِهِ نُقْصَانٌ فِي الطَّوَافِ، وَلَوْ كَانَ طَافَ لِلْعُمْرَةِ جُنُبًا فَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ أَيْضًا كَمَا فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُكْنٌ، وَلَكِنَّهُ تَرَكَ الْقِيَاسَ هُنَا، وَقَالَ عَلَيْهِ الدَّمُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْبَدَنَةِ فِي الْعُمْرَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ بِالْجِمَاعِ لَا تَجِبُ الْبَدَنَةُ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ الْحَجِّ، وَلِأَنَّ الدَّمَ يَقُومُ مَقَامَ الْعُمْرَةِ فَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ يَتَحَلَّلُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ ثُمَّ الدَّمُ فِي حَقِّ الْمُحْصَرِ يَقُومُ مُقَامَ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ لِلتَّحَلُّلِ فَلَأَنْ يَقُومَ الدَّمُ مَقَامَ النُّقْصَانِ الْمُتَمَكِّنِ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ كَانَ أَوْلَى فَأَمَّا الدَّمُ لَا يَقُومُ مَقَامَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَالْبَدَنَةُ قَدْ تَقُومُ مَقَامَهُ حَتَّى إذَا مَاتَ بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَأَوْصَى بِالْإِتْمَامِ عَنْهُ تَجِبُ بَدَنَةٌ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ فَكَذَلِكَ الْبَدَنَةُ تَقُومُ مَقَامَ النُّقْصَانِ الْمُتَمَكِّنِ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ الْقَارِنُ إذَا طَافَ حِينَ قَدِمَ مِنْ مَكَّةَ طَوَافَيْنِ مُحْدِثًا ثُمَّ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِلنُّقْصَانِ الْمُتَمَكِّنِ بِسَبَبِ الْحَدَثِ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِطَوَافِ التَّحِيَّةِ مَعَ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ أَعْلَى مِنْ تَرْكِ طَوَافِ التَّحِيَّةِ أَصْلًا، وَلَكِنَّهُ يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْحَجِّ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَضُرَّهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ طَوَافَهُ الْأَوَّلَ لِلتَّحِيَّةِ مُعْتَدٌّ بِهِ مَعَ الْحَدَثِ فَالسَّعْيُ بَعْدَهُ مُعْتَدٌّ بِهِ أَيْضًا، وَالطَّهَارَةُ فِي السَّعْيِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ إعَادَةُ ذَلِكَ الطَّوَافِ فَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ ذَلِكَ الرَّمَلِ، وَالسَّعْيِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَضُرَّهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(قَالَ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ طَوَافَ الْعُمْرَةِ، وَإِنْ أَعَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَالدَّمُ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ الْمُعْتَدَّ بِهِ الطَّوَافَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَلَا يَجُوزُ طَوَافُ الْعُمْرَةِ بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْأَوَّلُ لَا مَحَالَةَ، وَهُوَ نَاقِصٌ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَقِيلَ عَلَى قَوْلِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ الدَّمُ بِالْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ النُّقْصَانِ عَنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ بَعْدَ الْوُقُوفِ صَحِيحٌ كَمَا لَوْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ أَتَمَّ طَوَافَهُ يَوْمَ النَّحْرِ كَانَ صَحِيحًا فَكَذَا هَذَا. وَإِذَا ارْتَفَعَ النُّقْصَانُ بِالْإِعَادَةِ لَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَإِنْ طَافَهُمَا جُنُبًا فَعَلَيْهِ دَمٌ لِطَوَافِ الْعُمْرَةِ، وَيُعِيدُ السَّعْيَ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ عَقِيبَ طَوَافِ التَّحِيَّةِ جُنُبًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طَوَافَ الْجُنُبِ لِلتَّحِيَّةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَصْلًا فَإِنَّهُ جَعَلَهُ كَمَنْ تَرَكَ السَّعْيَ حِينَ أَوْجَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>