كَمَا لَوْ أَكْمَلَ الطَّوَافَ، وَهَذَا لِوُجُودِ الْإِلْمَامِ بِأَهْلِهِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ، وَإِنْشَائِهِ السَّفَرَ لِأَدَاءِ كُلِّ نُسُكٍ مِنْ بَيْتِهِ
(قَالَ) وَتَرَكَ الرَّمَلِ فِي طَوَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالسَّعْيِ فِي بَطْنِ الْوَادِي بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ مُسِيءٌ إذَا كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَكَذَلِكَ تَرْكُ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ فَالرَّمَلُ وَاسْتِلَامُ الْحَجَرِ، وَهَذِهِ الْخِلَالُ مِنْ آدَابِ الطَّوَافِ أَوْ مِنْ السُّنَنِ، وَتَرْكُ مَا هُوَ سُنَّةٌ أَوْ أَدَبٌ لَا يُوجِبُ شَيْئًا إلَّا الْإِسَاءَةَ إذَا تَعَمَّدَ
(قَالَ) وَإِذَا طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي جَوْفِ الْحَطِيمِ قَضَى مَا تَرَكَ مِنْهُ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ، وَإِنْ كَانَ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ هُوَ الْأَقَلُّ فَإِنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الطَّوَافَ عَلَى الْحَطِيمِ فَقَطْ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْأَقَلَّ مِنْ أَشْوَاطِ الطَّوَافِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَتْرُوكِ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَعَلَيْهِ الدَّمُ عِنْدَنَا فَهَذَا مِثْلُهُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ عِنْدَنَا أَنْ يُعِيدَ الطَّوَافَ مِنْ الْأَصْلِ لِيَكُونَ مُرَاعِيًا لِلتَّرْتِيبِ الْمَسْنُونِ، وَإِنْ أَعَادَهُ عَلَى الْحَطِيمِ فَقَطْ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ الْمَتْرُوكُ، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ مِنْ الْأَصْلِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ فِي الطَّوَافِ وَاجِبٌ كَمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا تَرَكَ لَمْ يَكُنْ طَوَافُهُ مُعْتَدًّا بِهِ، وَعِنْدَنَا الْوَاجِبُ هُوَ الدَّوَرَانُ حَوْلَ الْبَيْتِ، وَذَلِكَ يَتِمُّ بِإِعَادَةِ الْمَتْرُوكِ فَقَطْ، وَلَكِنَّ التَّرْتِيبَ سُنَّةٌ، وَالْإِعَادَةُ مِنْ الْأَصْلِ أَفْضَلُ، وَيُلْزَمُونَ عَلَيْنَا بِمَا لَوْ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ مِنْ غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَجَرِ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ الْقَدْرِ حَتَّى يُنْتَهَى إلَى الْحَجَرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ التَّرْتِيبُ وَاجِبًا لَكَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مُعْتَدًّا بِهِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ عِنْدَنَا، وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلَكِنْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرُّقَيَّاتِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ طَوَافُهُ إلَى الْحَجَرِ لَا لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ وَلَكِنْ لِأَنَّ مِفْتَاحَ الطَّوَافِ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - قَالَ لِإِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ائْتِنِي بِحَجَرٍ أَجْعَلُهُ عَلَامَةَ افْتِتَاحِ الطَّوَافِ فَأَتَاهُ بِحَجَرٍ فَأَلْقَاهُ ثُمَّ بِالثَّانِي ثُمَّ بِالثَّالِثِ فَنَادَاهُ قَدْ أَتَانِي بِالْحَجَرِ مَنْ أَغْنَانِي عَنْ حَجَرِك، وَوَجَدَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فِي مَوْضِعِهِ فَعَرَفْنَا أَنَّ افْتِتَاحَ الطَّوَافِ مِنْهُ فَمَا أَدَّاهُ قَبْلَ الِافْتِتَاحِ لَا يَكُونُ مُعْتَدًّا بِهِ.
(قَالَ) فَإِنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ طَافَ لِحَجَّتِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَالْأَشْوَاطُ الَّتِي طَافَهَا لِلْحَجِّ مَحْسُوبَةٌ عَنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ قَبْلَ طَوَافِ التَّحِيَّةِ فَإِذَا جَعَلْنَا ذَلِكَ مِنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ كَانَ الْبَاقِي عَلَيْهِ شَوْطًا وَاحِدًا حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَيَكُونُ قَارِنًا، وَيُعِيدُ طَوَافَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِهِ، وَلِحَجَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَا أَدَّى مِنْ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ لِعُمْرَتِهِ كَانَ عَقِيبَ أَقَلِّ الْأَشْوَاطِ فَلَا يَكُونُ مُعْتَدًّا بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute