مُضْطَجِعًا فَإِنَّهُ إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ»، وَهُوَ الْمَعْنَى فَإِنَّ الِاسْتِمْسَاكَ بَاقٍ مَعَ النَّوْمِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ، وَبَقَاءُ الِاسْتِمْسَاكِ يُؤَمِّنُهُ مَنْ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ فَهُوَ كَالْقَاعِدِ بِخِلَافِ الْمُضْطَجِعِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ إذَا تَعَمَّدَ النَّوْمَ فِي السُّجُودِ اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ غَلَبْته عَيْنَاهُ لَمْ يُنْتَقَضْ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي نَوْمِ السَّاجِدِ أَنَّهُ حَدَثٌ كَنَوْمِ الْمُضْطَجِعِ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْتَادُ النَّوْمَ عَلَى وَجْهِهِ. تَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِلْبَلْوَى فِيهِ لِلْمُجْتَهِدِينَ، وَهَذَا إذَا غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ لَا إذَا تَعَمَّدَ، وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا نَامَ الْعَبْدُ فِي سُجُودِهِ يُبَاهِي اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مَلَائِكَتَهُ فَيَقُولُ اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي رُوحُهُ عِنْدِي، وَجَسَدُهُ فِي طَاعَتِي»، وَإِنَّمَا يَكُونُ جَسَدُهُ فِي الطَّاعَةِ إذَا بَقِيَ وُضُوءُهُ، وَلِأَنَّ الِاسْتِمْسَاكَ بَاقٍ فَإِنَّهُ لَوْ زَالَ لَسَقَطَ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ، وَذَكَرَ ابْنُ شُجَاعٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ نَوْمَ الْقَائِمِ، وَالرَّاكِعِ، وَالسَّاجِدِ إنَّمَا لَا يَكُونُ حَدَثًا إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَأَمَّا خَارِجَ الصَّلَاةِ يَكُونُ حَدَثًا، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِبَقَاءِ الِاسْتِمْسَاكِ فَإِنْ كَانَ الْقَاعِدُ مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ فَنَامَ قَالَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ أُزِيلَ سَنَدُهُ عَنْهُ يَسْقُطُ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ لِزَوَالِ الِاسْتِمْسَاكِ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ مَقْعَدَهُ مُسْتَقِرٌّ عَلَى الْأَرْضِ فَيَأْمَنُ خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهُ. فَإِنْ نَامَ قَاعِدًا فَسَقَطَ، رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ إنْ انْتَبَهَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ جَنْبُهُ إلَى الْأَرْضِ لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ النَّوْمِ، وَهُوَ الْحَدَثُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ لِزَوَالِ الِاسْتِمْسَاكِ بِالنَّوْمِ حِينَ سَقَطَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ انْتَبَهَ قَبْلَ أَنْ يُزَايِلَ مَقْعَدُهُ الْأَرْضَ لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ، وَإِنْ زَايَلَ مَقْعَدُهُ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَبِهَ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ.
قَالَ (وَلَا يَنْقُضُ الْكَلَامُ الْفَاحِشُ الْوُضُوءَ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ يَعْنِي الْخَارِجَ النَّجِسَ، وَلِأَنَّهُ لَا كَلَامَ أَفْحَشَ مِنْ الرِّدَّةِ، وَالْمُتَوَضِّئُ إذَا ارْتَدَّ - نَعُوذُ بِاَللَّهِ -، ثُمَّ أَسْلَمَ فَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ، وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ لِلْمُتَسَابَّيْنِ: إنَّ بَعْضَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ شَرٌّ مِنْ الْحَدَثِ فَجَدِّدُوا الْوُضُوءَ إنَّمَا أَمَرَتْ بِهِ اسْتِحْسَانًا لِيَكُونَ الْوُضُوءُ عَلَى الْوُضُوءِ مُكَفِّرًا لِذُنُوبِهِمَا.
قَالَ (وَلَا وُضُوءَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَطْعِمَةِ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَمَا لَمْ تَمَسَّهُ فِيهِ سَوَاءٌ) وَأَصْحَابُ الظَّوَاهِرِ يُوجِبُونَ الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ مِنْ لَحْمِ الْإِبِلِ خَاصَّةً لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «تَوَضَّئُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute