للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَبْيَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ أَوْ بَعْدَ مَا حَلَّ ثُمَّ ذَبَحَهَا، وَوَلَدَهَا فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّهُ حِينَ أَخَذَ الظَّبْيَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهَا لِإِزَالَةِ جِنَايَتِهِ، وَذَلِكَ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ فِي الْحِلِّ شَرْعًا فَيَسْرِي إلَى الْوَلَدِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُ وَلَدِهَا مَعَهَا، وَمَا كَانَ مِنْ الْحَقِّ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ فِي الْعَيْنِ أَوْ فِي الْمَعْنَى لَا يَرْتَفِعُ بِخُرُوجِهِ عَنْ الْإِحْرَامِ فَإِذَا ذَبَحَهُمَا فَقَدْ فَوَّتَ الْحَقَّ الْمُسْتَحَقَّ فِيهِمَا شَرْعًا فَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُمَا جَمِيعًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ لَكَانَ الرَّدُّ فِيهِمَا مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ لِحَقِّ الْمَالِكِ فَبِذَبْحِهِمَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُمَا فَهَذَا مِثْلُهُ أَوْ أَوْلَى.

(قَالَ) وَأَكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشْتَرِيَ الصَّيْدَ، وَأَنْهَاهُ عَنْهُ لِأَنَّ الصَّيْدَ فِي حَقِّهِ مُحَرَّمُ الْعَيْنِ فَلَا يَكُونُ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ فَلِهَذَا لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ أَصْلًا، وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مُحْرِمٍ أَوْ حَلَالٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْلِيَ سَبِيلَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَخَذَهُ فَإِنْ عَطِبَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِجِنَايَتِهِ عَلَى الصَّيْدِ بِإِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ إتْلَافٌ لِمَعْنَى الصَّيْدِيَّةِ فِيهِ، وَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ جَزَاؤُهُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُحْرِمًا لِأَنَّهُ جَانٍ عَلَى الصَّيْدِ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي مُفَوِّتٌ لِمَا كَانَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ مِنْ تَخْلِيَةِ سَبِيلِهِ فَكَانَ ضَامِنًا لِلْجَزَاءِ.

(قَالَ) وَإِنْ اصْطَادَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ مَعْنَى الصَّيْدِيَّةِ فِيهِ مَعْنًى بِإِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَالْإِتْلَافُ الْحُكْمِيُّ بِمَنْزِلَةِ الْإِتْلَافِ الْحَقِيقِيِّ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ إحْدَى قَوَائِمِ الظَّبْيِ

(قَالَ) مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ أَخْرَجَ صَيْدًا مِنْ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ عَلَى الْحَرَمِ لِأَنَّهُ كَانَ بِالْحَرَمِ آمِنًا صَيْدًا، وَقَدْ أَزَالَ ذَلِكَ الْأَمْنَ عَنْهُ بِإِخْرَاجِهِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ أَمْنِهِ بِأَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْحَرَمِ فَيُرْسِلَهُ فِيهِ، وَهَذَا لِأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ هُوَ مُتَعَدٍّ فِي فِعْلِهِ فَعَلَيْهِ نَسْخُ ذَلِكَ الْفِعْلِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ»، وَنَسَخَ فِعْلَهُ بِأَنْ يُعِيدَهُ كَمَا كَانَ.

(قَالَ) فَإِنْ أَرْسَلَهُ فِي الْحِلِّ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ لِأَنَّهُ مَا أَعَادَهُ آمِنًا كَمَا كَانَ فَإِنَّ الْأَمْنَ كَانَ ثَابِتًا بِسَبَبِ الْحَرَمِ فَمَا لَمْ يَصِلْ إلَى الْحَرَمِ لَا يَعُودُ إلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْنُ، وَلَا يَخْرُجُ الْجَانِي عَنْ عُهْدَةِ فِعْلِهِ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ إذَا رَدَّهُ عَلَى غَيْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُحِيطَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى الْحَرَمِ سَالِمًا فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ عَنْ جَزَائِهِ كَمَا إذَا وَصَلَ الْمَغْصُوبُ إلَى يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ.

(قَالَ)، وَكُلُّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُحْرِمُ بِالصَّيْدِ مِمَّا يُتْلِفُهُ مِنْهُ أَوْ يُعَرِّضُهُ لِلتَّلَفِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ إلَّا أَنْ يُحِيطَ عِلْمُهُ بِأَنَّهُ سَلِمَ فَحِينَئِذٍ يَتِمُّ انْتِسَاخُ حُكْمِ فِعْلِهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْرَحَهُ فَتَنْدَمِلَ الْجِرَاحَةُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ أَوْ يَنْتِفَ رِيشَهُ فَيَنْبُتَ مَكَانَهُ آخَرُ أَوْ يَقْلَعَ سِنَّهُ فَيَنْبُتَ مَكَانَهُ آخَرُ فَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَقَاسَا هَذَا بِالضَّمَانِ الْوَاجِبِ فِي حَقِّ الْعِبَادِ فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>