للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُجُوعُهُ إلَى أَهْلِهِ بَعْدَ مَا أَتَى بِأَكْثَرِ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَحَجَّتِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ مُلِمٌّ بِأَهْلِهِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ، وَهُوَ إلْمَامٌ صَحِيحٌ فَإِنَّ الْعَوْدَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ لِيُنْحَرَ عَنْهُ، وَلَمْ يَحُجَّ كَانَ جَائِزًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَكِّيِّ الَّذِي اعْتَمَرَ مِنْ الْكُوفَةِ وَسَاقَ لِهَدْيٍ لِمُتْعَتِهِ فَهُنَاكَ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا فَكَذَلِكَ هُنَا وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولَانِ: إلْمَامُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بِأَهْلِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ عَلَى حَالِهِ مَا لَمْ يُنْحَرْ عَنْهُ الْهَدْيُ فَكَانَ الْعَوْدُ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ صِحَّةَ إلْمَامِهِ بِأَهْلِهِ كَالْقَارِنِ إذَا أَتَى بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ عَادَ فَحَجَّ كَانَ قَارِنًا، وَلَمْ يَصِحَّ إلْمَامُهُ بِأَهْلِهِ مُحْرِمًا فَكَذَا هَذَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ، وَقَدْ حَلَّ هُنَاكَ مِنْ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا لَمَّ بِأَهْلِهِ حَلَالًا فَكَانَ إلْمَامُهُ صَحِيحًا

(قَالَ): رَجُلٌ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَسَاقَ هَدْيًا مَعَهُ لِمُتْعَتِهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَحِلَّ وَيَنْحَرَ هَدْيَهُ وَيَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ، وَلَا يَحُجَّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْحَجِّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَلَمَّ بِأَهْلِهِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ حَلَالًا فَخَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَمَتِّعًا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ وَيَحِلَّ، وَلَا يَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ وَيَحُجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الرُّجُوعَ إلَى أَهْلِهِ فَهُوَ قَاصِدٌ إلَى التَّمَتُّعِ فَكَانَ هَدْيُهُ هَدْيَ الْمُتْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْحَرَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لِاخْتِصَاصِ هَدْيِ الْمُتْعَةِ بِيَوْمِ النَّحْرِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا سَاقَ الْهَدْيَ، وَهُوَ عَازِمٌ عَلَى التَّمَتُّعِ لَزِمَهُ الْبَقَاءُ فِي الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ عَمَلُ الْحَجِّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَجَّلَ فِي الْإِحْلَالِ قَبْلَ وَقْتِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ حَجَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَمَتِّعًا، وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُهُ تَأْخِيرُ الْخُرُوجِ عَنْ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ لِأَجْلِ التَّمَتُّعِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَمَتِّعًا تَبَيَّنَ أَنَّ إحْلَالَهُ كَانَ فِي وَقْتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ وَحَلَّ وَنَحَرَ هَدْيَهُ، ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمَانِ لِمُتْعَتِهِ فَإِنَّهُ أَتَى بِالنُّسُكَيْنِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ فَكَانَ مُتَمَتِّعًا وَمَا نَحَرَ مِنْ الْهَدْيِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ فَلِهَذَا لَزِمَهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَدَمٌ آخَرُ لِإِحْلَالِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَتِّعًا، وَقَدْ سَاقَ الْهَدْيَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ قَدْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَعْجِيلِ الْإِحْلَالِ

(قَالَ): رَجُلٌ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَفْسَدَهَا بِالْجِمَاعِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا أَهَلَّ بِأُخْرَى يَنْوِي قَضَاءَهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا أَمَّا بِالْعُمْرَةِ الْأُولَى فَلِأَنَّهُ أَفْسَدَهَا بِالْجِمَاعِ وَالتَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ لَا يَكُونُ، وَأَمَّا بِالثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ أَحْرَمَ لَهَا مِنْ غَيْرِ الْمِيقَاتِ، وَالْمُتَمَتِّعُ مَنْ تَكُونُ عُمْرَتُهُ مِيقَاتِيَّةً وَحَجَّتُهُ مَكِّيَّةً، وَلِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ بِالْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَإِنْ كَانَ حِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>