للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّالِثِ قَدْ بَقِيَ فِي الثَّوْبِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الثَّوْبِ (قُلْنَا) مَا لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ يَكُونُ عَفْوًا مَعَ أَنَّ الْمَاءَ يَتَدَاخَلُ فِي أَجْزَاءِ الثَّوْبِ فَيُخْرِجُ النَّجَاسَةَ ثُمَّ يَخْرُجُ عَلَى أَثَرِهَا بِالْعَصْرِ فَمَا بَقِيَ مِنْ الْبِلَّة بَعْدَ الْعَصْرِ لَمْ تُجَاوِزْهُ النَّجَاسَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَكَانَ النَّجَاسَةِ صِبْغٌ كَالزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِهِ يَتَحَوَّلُ إلَى الْمَاءِ وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اللَّوْنِ فِي الثَّوْبِ بِبَقَاءِ الْبِلَّةِ فَكَذَلِكَ النَّجَاسَةُ.

قَالَ (جُنُبٌ اغْتَسَلَ فِي ثَلَاثَةِ آبَارٍ وَلَيْسَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ عَيْنِيَّةٌ فَقَدْ أَفْسَدَ مَاءَ الْآبَارِ وَلَا يُجْزِئُهُ غُسْلُهُ) فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَخْرُجُ مِنْ الْبِئْرِ الثَّالِثِ طَاهِرًا وَهَذَا لِأَنَّ الْحَدَثَ الْحُكْمِيَّ مُعْتَبَرٌ بِالنَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ فَالْآبَارُ كَالْإِجَّانَاتِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - النَّجَاسَةُ لَا تَزُولُ عَنْ الْبَدَنِ بِالْغُسْلِ فِي الْإِجَّانَاتِ فَكَذَلِكَ الْحَدَثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ يَزُولُ بِالْغُسْلِ فِي الْآبَارِ لَكَانَ يَخْرُجُ الْجَنْبُ مِنْ الْبِئْرِ الْأُولَى طَاهِرًا كَمَا إذَا صَبَّ الْمَاءَ عَلَى بَدَنِهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ عَنْ الْبَدَنِ تَزُولُ بِالْغُسْلِ فِي الْإِجَّانَاتِ فَكَذَلِكَ الْجَنَابَةُ قَالَ: وَلَمَّا كَانَ ثُبُوتُ هَذَا الْحُكْمِ بِالْقِيَاسِ عَلَى النَّجَاسَةِ شَرَطْنَا فِيهِ عَدَدَ الثَّلَاثِ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي غُسْلِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ صَبِّ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ.

قَالَ (فَأْرَةٌ وَقَعَتْ فِي بِئْرٍ فَمَاتَتْ فِيهَا وَوَقَعَتْ فَأْرَةٌ أُخْرَى فِي بِئْرٍ أُخْرَى فَمَاتَتْ فَاسْتُقِيَ مِنْ إحْدَاهُمَا عِشْرُونَ دَلْوًا وَصُبَّ فِي الْأُخْرَى أَجْزَأَهُمْ نَزْحُ عِشْرِينَ دَلْوًا مِنْ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ) وَالْأَصْلُ أَنَّ الشَّيْءَ يَنْتَظِمُ مَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ لَا مَا هُوَ فَوْقَهُ فَإِذَا كَانَ مَا فِي الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ مِثْلُ مَا صُبَّ فِيهَا انْتَظَمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَطْهُرُ بِنَزْحِ عِشْرِينَ دَلْوًا مِنْ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ وَلِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى مَا لَوْ مَاتَتْ فَأْرَتَانِ فِي بِئْرٍ، وَحُكْمُ الْفَأْرَتَيْنِ كَحُكْمِ الْفَأْرَةِ الْوَاحِدَةِ فِي أَنَّ الْبِئْرَ تَطْهُرُ بِنَزْحِ عِشْرِينَ دَلْوًا مِنْهَا، وَإِنْ مَاتَتْ فَأْرَةٌ فِي بِئْرٍ ثَالِثَةٍ فَصُبَّ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا أَيْضًا فِي هَذِهِ الْبِئْرِ فَإِنَّهَا تَطْهُرُ بِنَزْحِ أَرْبَعِينَ دَلْوًا؛ لِأَنَّ الْمَصْبُوبَ فِيهَا أَكْثَرُ فَيَنْتَظِمُ مَا كَانَ فِيهَا فَتَطْهُرُ بِنَزْحِ الْقَدْرِ الْمَصْبُوبِ فِيهَا وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ دَلْوًا وَلِأَنَّ هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ ثَلَاثِ فَأْرَاتٍ مَاتَتْ فِي بِئْرٍ وَثَلَاثُ فَأْرَاتٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَالدَّجَاجَةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَالَ) مَا لَمْ يَكُنْ خَمْسُ فَأْرَاتٍ لَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الدَّجَاجَةِ، فَإِذَا كَانَ الثَّلَاثُ كَالدَّجَاجَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُطَهِّرُهَا نَزْحُ أَرْبَعِينَ دَلْوًا وَإِنْ صَبُّوا مِنْ الْبِئْرِ الثَّالِثَةِ فِيهَا دَلْوًا أَوْ دَلْوَيْنِ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَنْزَحُوا مِنْهَا عِشْرِينَ دَلْوًا مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمَصْبُوبَ فِيهَا أَكْثَرُ فَيَنْتَظِمُ مَا كَانَ فِيهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْفُصُولِ كُلِّهَا أَنَّ بَعْدَ نَزْحِ الْقَدْرِ الْمَصْبُوبِ يُنْزَحُ مِنْهَا عِشْرُونَ دَلْوًا.

قَالَ (وَإِنْ مَاتَتْ فَأْرَةٌ فِي جُبٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>