للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّدَاقِ عَنْ الْأَصِيلِ سُقُوطُهُ عَنْ الْكَفِيلِ فَلِهَذَا كَانَ الْكَفِيلُ ضَامِنًا لِنِصْفِ الصَّدَاقِ.

(قَالَ:) فَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ قَالَ: لَمْ يَأْمُرْنِي، وَلَكِنْ أُزَوِّجُهُ، وَأَضْمَنُ عَنْهُ الْمَهْرَ فَفَعَلَ ثُمَّ أَجَازَ الزَّوْجُ جَازَ عَلَيْهِ، وَلَزِمَ الزَّوْجَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي الِانْتِهَاءِ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ أَنْ يُجِيزَ النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الرَّسُولِ شَيْءٌ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ السَّبَبِ انْتَفَى بِرَدِّ الزَّوْجِ النِّكَاحَ فَيَنْتَفِي حُكْمُهُ، وَهُوَ وُجُوبُ الصَّدَاقِ، وَبَرَاءَةُ الْأَصِيلِ حَقِيقَةً تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ

(قَالَ:) وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً بِعَيْنِهَا عَلَى مَهْرٍ قَدْ سَمَّاهُ فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْمَهْرِ فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ أَجَازَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِخِلَافِ مَا أُمِرَ بِهِ فَكَانَ مُبْتَدِئًا فَيَتَوَقَّفُ عَقْدُهُ عَلَى إجَازَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ بِهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بِهَا كَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ امْتَثَلَ الْوَكِيلُ أَمْرَهُ فَلَا يَصِيرُ بِهِ رَاضِيًا بِمَا خَالَفَ فِيهِ الْوَكِيلُ فَإِنَّ الرِّضَا بِالشَّيْءِ لَا يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَكَانَ عَلَى خِيَارِهِ إنْ شَاءَ أَقَامَ مَعَهَا بِالْمَهْرِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ شَاءَ فَارَقَهَا وَكَانَ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَمِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ بِحُكْمِ النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ بِمَنْزِلَةِ الدُّخُولِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَيَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ؛ لِلشُّبْهَةِ، وَيَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ عُقُوبَةٍ أَوْ غَرَامَةٍ.

(قَالَ:) فَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ ضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ ثُمَّ رَدَّ الزَّوْجُ النِّكَاحَ؛ لِلزِّيَادَةِ فِي الْمَهْرِ فَعَلَى الرَّسُولِ نِصْفُ الْمُسَمَّى؛ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ إنْكَارَ الزَّوْجِ الْأَمْرَ بِالزِّيَادَةِ بِمَنْزِلَةِ إنْكَارِهِ الْأَمْرَ أَصْلًا كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ

(قَالَ:) فَإِنْ قَالَ الرَّسُولُ: أَنَا أَغْرَمُ الْمَهْرَ وَأُلْزِمُك النِّكَاحَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا بَاشَرَ مِنْ الْعَقْدِ غَيْرُ مُمْتَثِلٍ أَمْرَهُ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْفُضُولِيِّ وَالْفُضُولِيُّ لَا يَمْلِكُ أَنْ يُلْزِمَ عَلَيْهِ حُكْمَ الْعَقْدِ إلَّا بِرِضَاهُ، وَهَذَا لِأَنَّهُ، وَإِنْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ الزِّيَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَجِبَ عَلَى الزَّوْجِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ صَدَاقٌ وَالصَّدَاقُ مُطْلَقًا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ إلْزَامُ الزَّوْجِ بِذَلِكَ وَانْعَدَمَ مِنْهَا الرِّضَا بِدُونِهِ

(قَالَ:) وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ وَضَمِنَ لَهَا عَنْهُ الْمَهْرَ جَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْوَكِيلُ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ أَمْرَهُ إيَّاهُ بِالنِّكَاحِ لَا يَكُونُ أَمْرًا بِالْتِزَامِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالنِّكَاحِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ لَا مُلْتَزِمٌ، وَمَنْ ضَمِنَ عَنْ غَيْرِهِ دَيْنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَبَرُّعَهُ بِالضَّمَانِ كَتَبَرُّعِهِ بِالْأَدَاءِ فَإِنْ كَانَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْأَدَاءِ

(قَالَ:) وَإِذَا كَانَ الْعَقْدُ مِنْ الْوَكِيلِ بِشُهُودٍ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى التَّوْكِيلِ شُهُودٌ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالنِّكَاحِ لَيْسَ بِنِكَاحٍ، وَالشُّهُودَ مِنْ خَصَائِصِ شَرَائِطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>