كَانَ لَهَا النِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فِي نِصْفِ الدَّارِ، وَنِصْفُ الدَّارِ سَالِمٌ لَهَا فَلَا تَرْجِعُ بِشَيْءٍ آخَرَ عَلَيْهِ
(قَالَ:) وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ زَادَ فِيهِ جَازَتْ الزِّيَادَةُ إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصْلُهُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْبُيُوعِ، وَدَلِيلُنَا لِجَوَازِ الزِّيَادَةِ هُنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} [النساء: ٢٤] مَعْنَاهُ مِنْ فَرِيضَةٍ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ إلَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.
(قَالَ:) وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ فِي السِّرِّ وَسَمَّعَ فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ يُؤْخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ، وَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَا تَوَاضَعَا فِي السِّرِّ عَلَى مَهْرٍ ثُمَّ تَعَاقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَالْمَهْرُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمُوَاضَعَةَ مَا كَانَتْ لَازِمَةً وَجُعِلَ مَا عَقَدَا عَلَيْهِ فِي الْعَلَانِيَةِ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ فِي مَهْرِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَلِيِّهَا الَّذِي زَوَّجَهَا مِنْهُ أَنَّ الْمَهْرَ هُوَ الَّذِي فِي السِّرِّ، وَالْعَلَانِيَةُ سُمْعَةٌ فَحِينَئِذٍ الْمَهْرُ مَا سَمَّى لَهَا فِي السِّرِّ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الْإِشْهَادِ أَظْهَرَا أَنَّ مُرَادَهُمَا الْهَزْلُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ السِّرِّ، وَالْهَزْلُ بِبَعْضِ الْمُسَمَّى مَانِعٌ مِنْ الْوُجُوبِ إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَقُولُ: كَمَا لَا يَعْمَلُ الْهَزْلُ فِي جَانِبِ الْمَنْكُوحَةِ فَكَذَلِكَ فِي جَانِبِ الصَّدَاقِ فَيَكُونُ مَهْرُهَا مَهْرَ الْعَلَانِيَةِ فَأَمَّا إذَا تَعَاقَدَا فِي السِّرِّ بِأَلْفٍ وَأَشْهَدَا أَنَّهُمَا يُجَدِّدَانِ الْعَقْدَ بِأَلْفَيْنِ سُمْعَةً، فَالْمَهْرُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ لَغْوٌ وَبِالْإِشْهَادِ عَلِمْنَا أَنَّهُمَا قَصَدَا الْهَزْلَ بِمَا سَمَّعَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا فِي ذَلِكَ فَاَلَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْمَهْرَ هُوَ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْهُ زِيَادَةً لَهَا فِي الْمَهْرِ قَالُوا: وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْمَهْرُ هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِي لَغْوٌ فَمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ أَيْضًا يَلْغُو، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصْلُ الْعَقْدِ الثَّانِي، وَإِنْ صَارَ لَغْوًا فَمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ يَكُونُ مُعْتَبَرًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ، وَهُوَ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْهُ: هَذَا ابْنِي فَإِنَّهُ لَمَّا لَغَا صَرِيحُ كَلَامِهِ عِنْدَهُمَا لَمْ يُعْتَقْ الْعَبْدُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ لُغِيَ صَرِيحُ كَلَامِهِ فِي حُكْمِ النَّسَبِ بَقِيَ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْعِتْقِ.
(قَالَ:) وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ رَدَّتْ عَلَيْهِ عَبْدًا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهَا بَذَلَتْ شَيْئَيْنِ بِإِزَاءِ الْأَلْفِ الْبُضْعُ، وَالْعَبْدُ فَيُقْسَمُ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ وَمَهْرِ مِثْلِهَا، فَمَا أَصَابَ الْعَبْدَ يَكُونُ شِرَاءً حَتَّى إذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، أَوْ وَجَدَ الزَّوْجُ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بَطَلَ ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَمَا أَصَابَ مَهْرَ الْمِثْلِ فَهُوَ صَدَاقٌ لَهَا حَتَّى إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ لَهَا نِصْفُ ذَلِكَ.
(قَالَ): وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَبِيهَا، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ رَدَّتْ عَلَيْهِ أَمَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute