للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم في تلك الديار (٣٧٢). كانت مكة منذ القدم مكانًا يفد إليه الناس ويقيمون فيه كما ذكرنا، وكان القادم للحج إذا كان له قريب أو إنسان تربطه به معرفة أو سبب يسأل عن هذا القريب حين وصوله إلى مكة فينزل عنده، إن كانت الصلات التي تربطه به تستوجب هذا النزول أو على الأقل يستعين به وهو القادم من ديار بعيدة لقضاء حجه، وتسهيل أمره، فإذا كان المقيم في مكة على سبيل المثال مصريًّا فإن القادمين من بلده في مصر يسألون عنه حين وصولهم، وتتصل أسبابهم بأسبابه، يستعينون به في تجهيزهم للسفر إلى عرفات وأداء المناسك مثلا ثم في زيارتهم للمدينة المنورة، والمقيم يعرف من شئون البلد الذى يقيم فيه ما لا يعرفه الزائر، ولا غرابة أن يجتمع لهؤلاء المقيمين العدد الكبير من الوافدين من ديارهم في كل عام، فيكون هؤلاء المقيمون هم المرشدون لهؤلاء الوافدين والمعينون لهم على أداء مناسكهم.

وهكذا بدأت مهنة الطوافة من الصداقة والمعرفة ثم تطورت إلى عمل تجاري تنافس فيه الناس فكان لا بد من أن يتدخل الحكام لتنظيمه فكان التنظيم أولًا هو بسؤال الحاج عن المطوف الذي يرغب الالتحاق به، ثم طرأت مسألة التقارير التي يمنحها الحكام للمطوفين أو يبيعها بعضهم كما فعل الشريف عون.

وأذكر أنني كنت بمكة في الخمسينات من القرن الرابع عشر الهجري كنت أبحث في بداية تاريخ الطوافة ونشأتها واتصلت أسبابي


(٣٧٢) انظر: ما كتبناه عن المدرسة الصوليتية في "أعلام الحجاز" (ج ٢) لكاتب هذه السطور: ص ٢٨٦ - ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>