للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتَّسَخَتْ ملابس الأفندي عثمان بالزيت وهو يلازم عمال المطبعة فأحضر له أمين عبد الرحمن بدلة خضراء مثل بقية العمال، وارتدى البدلة الخضراء ودخل مطابع أمين عبد الرحمن يعمل بيديه، ويتعلم كيفية إدارة الماكينة ورصّ الصفحات، والتحبير والتلوين وما إلى ذلك .. وظن كان أنه بالأيام التي أنفقها في مطبعة أمين عبد الرحمن، وبالنوتة العتيدة قد أمسك بزمام المطبعة فأسلست قيادها له تركيبًا وإدارة وإنتاجًا. وعُبِّئت المطبعة في صناديق وطرود بلغت ثمانية عشر بين كبير وصغير، وأنفق كل ما بقى معه من نقود في شحن المطبعة إلى ينبع وسافر هو إلى جدة .. وكان قد تحصَّل على أمر من الشيخ حمد السليمان وكيل وزارة المالية الأسبق إلى الشيخ محمد سرور الصبان مدير المالية ليدبِّر له سيارة لوري تحمل المطبعة من ينبع إلى المدينة على أن يدفع هو قيمة البنزين.

وحضر إلى مكة واستدان قيمة البنزين وملأ السيارة بالبراميل واتجه بها إلى ينبع. كان الزمان صيفًا وكانت الصحراء تلتهب بالحرارة، ولم يكن الطريق معبَّدًا، وعانى عثمان في رحلته هذه كثيرًا فلما أقبل على ينبع وجد عثمان جماعة من الغلمان يستقبلون السيارة ويقولون سيارة المطبعة .. وعلم أن المطبعة قد وصلت وأن خبر وصولها. قد عَمَّ ينبع وأهلها فسأل الصبية: هل وصلت المطبعة؟

قالوا: نعم ولكنها سقطت في البحر؟

وكاد السيد عثمان يسقط إعياءًا ولكنه تماسك وأسرع إلى ميناء ينبع .. كان الصندوق الكبير الذي يحمل الطمبور والأدوات الهامة للمطبعة ثقيلا لم يتحمله السنبوك الذي نقل عليه من الباخرة إلى الساحل، وحينما وصل هذا السنبوك كان هذا الصندوق من الثقل بحيث ناء به السنبوك فسقط في البحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>