للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصل عثمان إلى الميناء فوجد ينبع كلها تشترك في إخراج صندوق المطبعة الذي كان قد هوى إلى البحر، ووجد على رأس الناس أمير ينبع الذي استعان به السيد محمد عمر سُبِيِهْ ووكل إليه استلام المطبعة من الباخرة، واندفع الناس بحماس شخصي، وبدافع من المروءة والنجدة لإخراج الصندوق العتيد من البحر، واشتركت ينبع كلها تحت إشراف أميرها في إخراج الصندوق الغريق حتى تم إنقاذه، وكان أهل ينبع من الكرم بحيث رفض الحُمَّال ورجال البحر الذين اشتركوا في إخراج الصندوق قبول أي أجر على العمل الذي أدُّوه بحماس وإخلاص منقطعي النظير.

وتم تحميل المبطعة وبعض صناديقها في اللوري لتصل إلى مأمنها في المدينة المنورة، كان الطريق ما بين ينبع والمدينة شاقًّا كثير الرمال في بعض المواضع بحيث تغوص فيه عجلات السيارة فيضطر أصحابها إلى انتشالها، كثير الحصى والحفر في مواضع أخرى، وقبيل وصول السيارة إلى وادي الصفراء رأى السيد عثمان حافظ عددًا من أبناء البادية في تلك الرمضاء وأصرَّ على سائق السيارة أن يتوقف ليركبهم معه في السيارة المحملة بالمطبعة وبعض صناديقها، ورفض السائق الوقوف فالحمل ثقيل والطريق وعر، ولكن العاطفة تغلبت وتوقفت السيارة لتضيف إلى حملها الثقيل حملًا آخر من البشر، وحدث ما توقعه السائق .. غاصت السيارة في الرمال مرة بعد مرة، وكان الجميع يشتركون في عملية انتشالها وأخيرًا ناءت السيارة بحملها من الحديد والبشر فانكسرت الكرونة والبنيون.

وترك الركاب السيارة وساروا في تلك الرمضاء على أقدامهم ثماني ساعات يستظلون فيها بأول شجرة حتى ولو كانت شجرة شوك إلى أن وصلوا إلى وادي الصفراء وانطرحوا تحت ظل شجرة من الأشجار

<<  <  ج: ص:  >  >>