وترى الرئيس مناوحًا لك قائلا … اشرح وحرر واحتفل بجواب
بيمينه التوقيع يحسب أنه … توقيع قيصر في وغى وغلاب
وإذا أتى الزوار ظلوا برهة … يتلفتون تَلَفُّتَ الهيَّاب
وللقصيدة بقية أبيات وضع الناشر مكانها أصفارًا مما يدل على أن هذه الأبيات مما لا يحسن نشره. (١)
وإذا كان لنا أن نقول كلمة في شأن الوظيفة والشاعر فإن سواد الناس ومنهم الأدباء والعلماء يعملون في الوظائف وهي سبيل معاشهم، ولا ينظرون إليها هذه النظرة الهازئة المتعالية، ومنهم من يأخذ على مجتمع الوظائف ما قد يكون فيه من غرور بعض الرؤساء، وانتهازية بعض الزملاء، وسخف بعض المترددين، ولكن الحياة تحفل دائمًا بهذه الأشكال من الناس، وباختلاف الطبائع والغايات، والرجل الحصيف هو الذي يكيفُ نفسه مع واقع الحياة دون أن يفقد أصالة الخلق، ويعامل الناس المعاملة الكريمة اللائقة به وبهم.
لقد كان حسين سرحان يؤثر أن يعيش حياته بين الكتب، فلا يشارك الناس حياتهم اليومية بما فيها من مضحكات أو مبكيات، ولكنَّ الحياة ليست بين صحائف الكتب، وإنما هي في زحام المجتمعات.
والغزل عند حسين سرحان غزل حسي إذا صح هذا التعبير، يصف جمال المحبوبة وصفًا حسيًا يذكرك بالمشهورين من شعراء الغزل كعمر بن أبي ربيعة وبشار بن برد، ولكنك لا تجد فيه وجدانيات الشعراء العذريين المعروفين كعباس بن الأحنف وكثيِّر عزة وجميل بثينه، يقول حسين سرحان في قصيدة رشأ:
يا بعيني ومهجتي … رشأ طاب محتده
في بني هاشمٍ يقوم … على العزِّ مولده
ناعس الطرف حُلْوُه … ناعم العود املده
اصطفاني بحبه … وصفا لي تودُّدُهْ
وسقاني بثغره … عَلَلًا لذَّ مورده
قبلا تبعث المنى … بين لحن يردده
نغما رجَّعَتْهُ … منه لهاة تعسجده
لكأني إذا فتحت … له السمع أشهده
رب لحن تراه بالعين رؤيا تجدده
مستادًا كما استعيد مثال تحدده
(١) أجنحة بلا ريش ص ١٦٣.