للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد امتنعت عن إيراد هذه الرواية فيما نقلته عن الغازي، لأني موقن بعدم صحة وقوعها، ولست أدري إن كان نقل الغازي لها إنما تم على طريقته في النقل على مسئولية المنقول عنهم، أو أنه كان موقنًا بصحة ما ينقل، والطريقة التي أراها صحيحة هي أنه إذا كان لابد من أداء الامانة في النقل فإن الواجب هو التأكد من صحة ما ينقل عن المؤرخين، أو إبداء الرأي في ذلك وهو أضعف الإيمان.

أما نقل الأخبار المشوهة والخرافية دون تعليق فهو يقدم للقاريء صورة مشوهة عن زمن الرواية وأهله.

ونعود بعد هذا الاستطراد إلى إكمال الحديث عن الغازي وكتابه إفادة الأنام.

لقد ذكرنا موجزًا عن المواضيع التي تطرق إليها الغازي في المجلدات السبعة التي تضمها موسوعته الفذة، والتي بلغت صفحاتها أربعة آلاف وثلاثمائة وأربع وعشرين صفحة، والتي أوقف حياته على تدوينها، فقد ذكر معاصروه أن الرجل كان مشغولًا بالكتابة والتأليف في حانوته الصغير وكان لا يمرُّ به أحد إلا ويراه عاكفًا على الكتابة، والأوراق بين يديه، والكتب أمامه، ولم يكن إفادة الأنام هو الكتاب الوحيد الذي ألفه الغازي، ولكنه أهم كتبه وأجمعها.

وقد اخترت أن يكون ما أكتبه عنه مستمدًا من هذا الكتاب الهام، وأسارع فأقول إن هذه الصفحات الكثيرة التي سيقرأها القاريء مختارة من المجلدين الأول والثاني ونصف المجلد الثالث، والسبب في ذلك هو أنني اقتصرت في اختياري على أخبار مكة والكعبة المعظمة والمسجد الحرام وما يتعلق بهما، وحارات مكة، ومساجدها، وجبالها، وآبارها، وعيونها، وبالمشاعر المقدسة وما يتعلق بها عبر القرون، وأود أن أذكر كذلك أنني لم أنقل عن الغازي كل ما أورده في هذا الصدد وإنما نقلت عنه الأخبار أو الأحداث التي لم ترد فيما كتبته سابقًا في هذا الصدد، فقد سبق لي أن لَخَّصْتُ كتابَيْ الشيخ حسين باسلامة عن المسجد الحرام والكعبة المعظمة في الجزء الثاني من أعلام الحجاز (١) كما لَخَّصْتُ كتاب أحمد السباعي تاريخ مكة (٢)، وجزءًا من كتاب تاج تواريخ البشر لأحمد محمد الحضراوي (٣) في الجزء الثالث من أعلام الحجاز.

ولقد كان كتاب إفادة الأنام للغازي مصدرًا من أهم مصادر السباعي في كتابه تاريخ مكة كما أن الشيخ حسين باسلامة قد استعرض نفس المصادر التي استقى منها الغازي فحرصت أن يكون ما أنقله عن إفادة الأنام، مما لم يسبق لي الحديث عنه في الترجمات التي ذكرتها آنفًا حرصًا على عدم التكرار، وقد أشرت إلى ذلك فيما نقلته.


(١) أعلام الحجاز ج ٢ ص ١٨/ ١٢٤.
(٢) أعلام الحجاز ج ٣ ص ١٢/ ٧٤.
(٣) أعلام الحجاز ج ٣ ص ٨٣/ ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>