والواقع أن الشيخ محمد سرور يتصرف بمثل هذا في شؤونه الخاصة وكان رجلا واسع الخيال كبير الأحلام، وكانت هذه الصفات فيه مدعاة لاستغلاله من كثير من الناس فكان كل من تقدم له بمشروع وطلب منه المشاركة فيه استجاب إليه فأمده بالمال شراكة أو قرضا، وكثير من هذه المشروعات كان ظاهر التهافت ولم يبن على دراسة كما أن الكثير من أصحاب هذه المشاريع لم يكن التعامل معهم موحيا بالثقة والاطمئنان. كان البعض يفكر في مشروع يصوره له خياله ويأتى إلينا في دار الشيخ محمد سرور وهو نفسه غير متأكد من صحة تفكيره أو من نجاح مشروعه فما هي إلا ساعة أو بعض ساعة يجلس فيها إلى الشيخ محمد سرور حتى يخرج والبشر يطفح من وجهه والأمل يملأ جوانحه فقد وجد من الشيخ وتعضيده ما يحمله على الظن بأنه عبقرى الدهر وواحد الزمان ويأخذ دفعة من المال يبدأ بها الخطوات الأولى لمشروعه العتيد وتمضى الأسابيع والشهور وإذا بهمة الشيخ تفتر عن السير مع أحلام الرجل ولكنه لا يصارحه بشئ وتبدأ الأمور في التعقيد وينقلب إعجاب الرجل بالشيخ محمد سرور وثناؤه عليه إلى نقد صارخ فيسبق إلى ذهنه أنه أساء إليه واوقعه في ورطة ولا يجد الشيخ محمد سرور مفرا من تفادى المشكلة إلا بالتنازل عما دفع من مال بفدية أخرى يفتدى نفسه مما كان، وكان من المكن تفادى كل هذا الحرج وكل هذه الخسارة بصرف الرجل من البداية صرفا حسنا أو بالاعتذار المؤدب عن الدخول في هذه المشاريع. والواقع أنى لست أدرى حتى الآن وبعد معايشتى للشيخ محمد سرور السنين الطوال هل هو حب المجاملة للناس، أو الطموح الكبير هو الذى كان يدفع الشيخ محمد سرور إلى مثل هذه الواقف أو أنهما الصفتان معا كانتا الدافع إلى مثل هذه الأمور. وأستطيع أن أضيف إلى صنفات الشيخ محمد سرور رحمه الله أنه كان كثير الحياء كاتما لأسرار الناس، وكانت هذه الصفات فيه تمنعه من