للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رضى القيد في حماك فؤاد … عاش كالطير دأبه التحليق

ما تصبته قبل حبك يا جدة … دنيا بسحرها أو عشيق

حبذا الأسر في هواك حبيبا … بهوى الفكر والمنى ما يفيق

منهجى فيه منهج الطائر الآلف … ينزوا به الجناح المشوق

فإذا همَّ اشغلته فروض … من هواه واثقلته حقوق

وهذا معنى جديد في حب الوطن صاغه الشاعر في هذه الصورة البارعة الساحرة تابى طبيعة مزاج الشاعر إلا أن تظهر في هذه القصيدة كما تظهر في كل شعره فيقول:

كم معنى مثلي يطارحك الحب … فينبو به السبيل الزليق

ودعيٌّ يصطك في فمه القول … عثارا مكانه مرموق

أمن العدل أن يشاركني فيك … جبان عما اريغ فروق

وقصاراه في هواك هوانا … أمل ضارع ووجه صفيق

لا تلومي على عتابك حرًّا … قلبه منك بالجراح شريق

والقصيدة كذلك في نحو ستين بيتا وهي من أروع الشعر وأعذبه، وأودُّ هنا أن أنبه القارئ إلى أن مجاراة شاعر لشاعر في النظم في موضوع معين لا يعيب الشاعر ولا ينقص من مكانته، فالشعر فن يتصل بالعاطفة في صورها المختلفة وقد يتفق الشعراء في المعانى بل وفى الألفاظ وفى الموسيقية الشعرية ولكن هذا لا يقدح في قدراتهم وللنقاد مقاييس يلجأون إليها في هذه المواقف ليس هنا مكان بسطها، وبالنسبة للشاعرين فكلاهما عبر عن الموضوع بإسلوبه الخاص، وهو أسلوب متميز عن أسلوب الآخر، وقد تصرف حمزة في كلا الحالتين تصرف الشاعر القادر المتمكن، ولقد كان شوقي يعارض قدامى الشعراء في روائعهم فينسج قصائده على مثل القافية والوزن، وقال الرافعى رحمه الله واصفا ذلك من شوقي فأراهم غباره ووليَّ ولكنه وقف عند المتنبي، وقول الرافعى هذا كان في مجال الأكبار لما صنع شوقي وليس في مقام الأزراء عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>