البلاد في هذه الفترة من الزمان في أوائل الأربعينات من هذا القرن الهجري الذي يوشك على الانتهاء.
كانت الحياة الاجتماعية في الحجاز مبنية على الترابط والسياحة وكانت البيوت مفتوحة لاستقبال الضيوف ولم تكن هناك فنادق أو خانات ينزل فيها المسافرون بين مدينة وأخرى وإنما كانت هناك علاقات صهارة أو صداقة أو عمل تربط بين الناس فكان المسافر من مكة إلى جدة. أو من جدة إلى مكة ينزل في بيت قريب أو صديق وكانت أغلب المنازل بها أماكن مخصصة للضيافة وكانت ضيافة الرجال في الدور الأرضي من المنزل الذي كان يحتوي على دواوين ومقاعد بما يلزم لها من خدمات، أما النساء فكانت استضافتهن في الأدوار العليا مع نساء العائلة فإذا حضر الرجل بأهله دعي ليلا إلى الصعود إلى مجلس في هذه الأدوار يخصص لمبيته مع أهل بيته لا يختلط بنساء العائلة أو رجالها فإذا كان الصباح ترك هذا المجلس إلى الدور الأرضى حيث يجتمع الرجال جميعا لتناول الإفطار ثم طعام الغداء وتبقى هذه البيوت مفتوحة طيلة النهار وصدرا من الليل يقوم على خدمتها المكلفون بذلك من الرجال. لهذا فإنه حينا وقعت الحرب الهاشمية السعودية وهاجر الكثيرون من أهل مكة إلى مدينة جدة بعائلاتهم نزل كل هؤلاء المهاجرين تقريبًا في بيوت أهل جدة فالقريب نزل عند أقربائه أو أصهاره والصديق نزل في بيت صديقه، والذي لا قريب له أو صديقا نزل كذلك في بيوت عرف أصحابها بالكرم والنخوة، ولقد كان لكبير جدة في ذلك الوقت الشيخ محمد الطويل رحمه الله دور عظيم في إسكان الوافدين من أهل مكة وإنزالهم في جدة بحكم منصبه العظيم وزعامته في مدينة جدة في ذلك الزمان.
وتعود بعد هذا الاستطراد إلى الحديث عن السيد صالح شطا رحمه الله