للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت الحرب العالمية الثانية تقترب من نهايتها، وكنت مضطرا لظروف صحية عائلية أن أسافر إلى مصر وأبقى بها بضعة شهور، وكنت حريصا أن أصطحب المصحف معي لعمل اكليشيهات له من النحاس والزنك توطئة لطبعه، ولم يكن عمل الاكليشهات متوفرا في البلاد في ذلك الزمان، وضعت المسودة المخطوطة للمصحف في حقيبة خاصة حملتها معي إلى مصر، وكان لابد من أخذ رخصة من الأزهر الشريف بطبع المصحف ليكون معتمدا في جميع البلاد الإسلامية في ذلك الوقت.

اتصلت في مصر بصديقنا الأستاذ صادق سعيد بازرعة وأسرته من كبار التجار الحضارمة الذين أقاموا السنوات الطوال في مصر واصبحوا مصريين بحكم الإقامة الطويلة لآبائهم وبحكم الميلاد لهم ولأبنائهم وكانت الأسرة تعمل في تجارة الصابون البنِّ والبهارات التي يستوردونها من فلسطين وعدن وافريقيا والهند وكانت لهم وكالة كبيرة في الجمَّالية كما كانوا يتمتعون بسمعة عالية في الوسط التجارى في مصر. قال صديقنا الأستاذ صادق بازرعة هذه المسألة لا يصلح لها إلا السيد محمد عرفة شيخ المسجد الحسينى، كان ذلك في رمضان وجامع سيدنا الحسين قريب من وكالة بازرعة فذهبنا وأدينا صلاة العصر وشرحنا الموضوع للسيد محمد عرفة، وكان يحضر للحج وكنت أراه في مكة المكرمة، وهو رجل يجمع بين وقار العلم وحدة الذكاء وكانت صلاته بطبقات المجتمع المختلفة قوية ومتينة، فتجد في غرفته الملحقة بالجامع الحسينى العِلْية من الناس من الباشوات والبكوات إلى عامة الناس وأوساطهم، استدعى السيد محمد عرفه ابنه وكان موظفا بوزارة الأوقاف وقال له أريدك أن تحضر لي غدا الشيخ محمد علي الضباع شيخ المقارئ المصرية ليصلي العصر هنا، والتفت إلي قائلا وستصلي العصر معنا هنا ياحاج .. فشكرته واجتمعنا في صلاة العصر في اليوم الثاني، الشيخ الضباع وأنا وصادق سعيد بازرعه، وأخبر السيد عرفة الشيخ الضباع بالغرض الذى دعاه من أجله، وأوصاه بنا خيرا، واتفقنا مع الشيخ الضباع على الأجر الخاص بالتصحيح كما جرى

<<  <  ج: ص:  >  >>