نزلنا بمرسى ينبع البحر مرة … على غير رأي ما علمنا طباعه
نقارع من جند البعوض كتائبًا … وفرسان ناموس عدمنا قراعه
والقصيدة طويلة، وهي لا تخرج عما ورد في قصيدته السابقة وفي رسالته الطويلة المسجوعة للخطيب أبي الخير، وبعد أن أطال في وصف المعاناة التي كان يعانيها في ينبع مع البق والناموس والفئران والبرغوث، ذكر الأعراب والبدو فقال فيهم:
وأصبحت في دار المشقة والعنا … أخالط أوغاد الورى ورعاعه
وكلبًا من الأعراب يعوي كأنه … يريد إذا لاقى الأمين ابتلاعه
فلو صاح فوق الصخر خَرَّ لوقته … وأبصرت من ذاك الصياح انصداعه
براه إله الخلق للناس نقمة … وقَدّ من الصخر الأصم طباعه
فلا رحم الرحمن أرضًا يحلها … وباعد عنَّا بالسنين انتجاعه
ثم يقول:
ومن كل جبار عنيد يرى الورى … عبيدا لديه والبقاع بقاعه
شقي عصى الرحمن في كل أمره … ومال إلى شيطانه وأطاعه
ويخاطب الحكام فيقول:
فقل لرعاة الوقت إن نعاجكم … أتاح لها ريب الزمان سباعه
فهل لكمو في لَمِّ شمل الذي بقى … برأي بديع يحسنون ابتداعه
وإلا فإن الأمر لله كله … ولا رأْي في خرق يريد اتساعه
ثم يقول محدثا عن نفسه:
سنونا عن الدنيا فكل نعيمها … متاع غرور لا تديم متاعه
وما اعتضت من كوني أديبًا وفاضلًا … لدى الناس إلا قوله وسماعه