وحين رأوا عين الدراهم وهْوَهُوا … وحنَّ حِوار القوم واستحكم الجدا
وشدُّوا على تلك الحمول ووجهوا … وجوه المطايا وهي تمشي تأوُّدا
وسار بها من لا يسير مشمِّرا … وغنَّى بها من لا يغنِّي مغرِّدا
ولما بدا وجه الحدائق أشرفوا … وأبرق من فيها علينا وأرعدا
والأبيات التالية تصور ما كان يحصل بين الأعراب في الطريق أجمل تصوير:
وجاء ابن سمري وابن سلمان مشعل … وسلمان شبَّ النار فينا وأوقدا
فقمنا جميعا نحو شاربه عسى … يعلِّقنا فيه فكشَّ وصدَّدا
وجاء بخيت بعد وابن حُوَيْضِرِ … ومَبْرَكُ مُنضمِّين في ضمن من عدا
وصالوا علينا بالبنادق كلهم … وصبيانهم شالوا عِصِيًّا وأعمدا
وجاءَ المهتدي حدْقُه فوق جفنه … تكدر منها ثم أصبح أرْمَدا
وشُجَّ بمشعاب على أمِّ رأسه … فكمدها بالنار فورا وضمَّدا
فصاح بخيت عند ذاك عليهم … وقال لهم وجهي وأرغي وأزيدا
وراح بنا للبيت ثم أضافنا … بفضلة لحم كان في الحجِّ قدَّدا
وذرَّ على الماء الهبيد ولتَّه … وودَّك من مُخِّ الجمال وسرهدا
ودشَّ لنا سمحًا وقال تسمَّحوا … ومن كان يختار الهبيد تهبَّدا
وأولغ في الماعون مَعنا ولتَّه … وثم تجشَّا في الأنا وتحمَّدا
ومال بباقي العظم في شق بيته … ومشمش يومًا كاملًا ثم ألبدا
وقمنا على ذاك المقام ثمانيا … نكابد أهوالا وهمًّا مسهدا
وقد حلَّقوا حول البلاد وطنَّبوا … ولم تر إلا مُحرقا أو مُهدِّدا
وآخر مقتولا وإلا مهشَّما … على الطرق مطروحا ونخلا مُجدَّدا
ولكنَّما الخذلان بادٍ عليهمو … ونرجوه أن يبقي دواما مؤبَّدا