للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عام ١٣٣٣ هـ فسافر إلى الشام والأردن ثم رجع إلى مكة عام ١٣٣٤ هـ فيقول:

اجتمعت به، وتشرفت ولازمته أكثر من غيرى، لأنه كان يبتعد عن الناس، ويركن إلى الخلوة، كنت فارغا ليس لي شغل إلا العلم، فكنت آتيه داره في الصباح إلى قرب الزوال، كنت أستعمل معه شيئًا من السياسة فأغيب اليوم واليومين لئلا يشعر أني اتخذت هذا عادة، بل كان في بعض الأوقات لا يأذن لي بالدخول فأرجع، ثم أعود وأزعجه في كثرة التردد، فإني إذا لم أظفر صباحا لا أتركه مساءًا، حتى قال لي يوما وهو على فراشه طريحا، أو قلت له كيف حالك يا سيدي؟ قال لي: لا روح فيَّ، يقول الشيخ حسن المشاط:

كنت شابًّا لا أفهم معنى ذلك - غفر الله لي - إنما همتى وغايتى العلم، فآخذ بيده وأقيمه ليجلس، وأسلم عليه وأباسطه - والله يغفر لي - (٣١٧).

وهذه القصة وأمثالها تذكرنا بما كان يتحمله طلبة العلم من مشايخهم، فقد كان طلبة العلم يقفون على باب الإمام مالك بن أنس وهو في العقيق خارج المدينة فيأذن لهم أو يمنعهم، وهكذا كان حسن المشاط طالب العلم يتحمل الصدَّ من شيخه عبد الله زيدان، فإن منعه الدخول في الصباح عاد إليه في المساء، وإن كان مريضًا طريحًا أقعده


(٣١٧) كتاب "الجواهر الثمينة" نقلًا عن مذكرات الشيخ حسن المشاط، بتحقيق الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان: ص ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>