عليك أكبر الآمال! .. ثم أردف: أعدهما ودع ابنك يتعلم حيث تعلمت. ولم أتردد فحينما انتهى العام الدراسي عادا إلى جدة، وذهبت إلى مدرسة الفلاح وقابلت المرحوم الشيخ عبد الوهاب النشار وهو من أساتذتي فيها وقلت له: إننى أخطأت في حق ابني وأريد أن أصلح هذا الخطأ، فأرجو أن تختار لي أستاذًا من أساتذة الفلاح ليكمل له ما ينقصه وليدرك ما فاته، وقد اختار - رحمه الله - الأستاذ عبد الله معتوق، فكان يحضر يوميًّا إلى المنزل وكان مجاورًا لمدرسة الفلاح التي ألحقته بها، وأثمرت العناية ثمرها، فقد أدركت ما وقعت فيه من خطأ، أما ابنتي فقد تولى تعليمها المرحوم السيد عبد العزيز الدباغ وكان يتولى تعليم البنات الصغيرات قبل أن توجد مدرسة منظمة لتعليم البنات، وأراد الله تعالى أن يكون بدء تعليمها على يديه، ثم التحقت بأول مدرسة للبنات في جدة، أنشأتها السيدة نعيمة بركات، وهكذا كان ..
أما أعجب ما مرَّ بي في موضوع المدارس الأجنبية فحادثة حدثني بها صديق عزيز قال: بعثت ابني إلى مدرسة إنجليزية في قُطْر عربي شقيق، وانتهى العام الدراسي وعاد إليَّ فذهبت بالأسرة لزيارة المدينة المنورة واصطحبت ابني للصلاة في المسجد ورأى الابن أغوات الحرم المدني الشريف فسألني قائلا: هل هؤلاء يا أبي هم الأنبياء؟ يقول الوالد: وصعقت وأنا أبصر جهل ابني بأبسط أمور دينه، وأدركت مقدار جنايتي عليه، وفي تلك اللحظة قررت أن يكون تعليمه في وطنه. وقلت له: كَلَّا يا بنيّ هؤلاء هم خدم المسجد الشريف، وخدم الحجرة النبوية الشريفة، أما الأنبياء فإن آخرهم هو رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد توفي منذ أربعة عشر قرنًا، ولا نبي بعده، صلوات الله وسلامه عليه.