على دار الأسرة أسرة المغربي في جدة كثيرًا، للزيارة ثم اجتمعت مع الشيخ محمد المشاط - رحمه الله - وأولاده في المدينة في عام ١٣٥٣ هـ أو بعدها بعام، وكان الشيخ محمد المشاط رغم الفارق الكبير بيني وبينه في العمر فلقد كنت بالنسبة له كالحفيد أو الابن الأصغر، إلا أنّ الرجل فطر على التودد للناس، وإلانة جانبه لهم فكان يلقاني دائمًا بوجهه الطلق، ويغمرني بسماحة طبعه، وجميل تودُّده، وحينما انتقلت إلى مكة للعمل بها عام ١٣٥٥ هـ كان طريقى من سوق سويقة وكانت دكاكين آل المشاط بها، فإذا مررت بالدكان، وكان الشيخ محمد المشاط فيه يستجلسني، ويغمرني في هذه الجلسة القصيرة بما طبعت عليه نفسه الكريمة من التودد والمحبة، هذا بالنسبة للشيخ محمد المشاط، أما بالنسبة للشيخ حسن المشاط فلقد كنت أحمل له من المحبة والتقدير في نفسي الشئ الكثير، كنت أرى فيه صورة من أجمل الصور للعلماء الذين وهبوا أنفسهم للعلم ابتغاء مرضاة الله، وكانت تصل إليَّ أخبار عزوفه عن المناصب، ومجاهدته للبعد عن مناصب القضاء، كنت أعجب من رجل تسعى إليه الدنيا بالجاه والمال، فيبتعد عنها في إزْوِرَار، وكانت هذه الأحوال تذكِّرني بما قرأته عن علماء آثروا ما عند الله فانصرفوا للعلم، وابتعدوا عن زخارف الحياة.
كنت كثير التردد على المدينة لزيارة المسجد النبوي الشريف ولكني ما ذهبت إليها مرة إلا ووجدت الشيخ حسن المشاط أمامي في المسجد بملابسه البيضاء، وطلعته المشرقة بنور العلم والتقوى، قلت له مرة: لقد أصبحنا نجتمع دائما في المدينة، فما حضرت إليها مرة وإلا ووجدتك فيها: