للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا عَلِمْتُم هذه المقدمة بجميع معانيها في هذا الاسم، وتحقَّقتم أنه سِرٌّ لا جَهْرٌ، ومن قَبِيلِ أعمال القلوب لا من اكتساب الجوارح، فتحقَّقوا أنَّ عنه تَنْشَأُ الأفعال، وعليه ينبني عَمَلُ الجوارح.

وفي "مصنف عبد الرزاق": وذكر في الجامع عن أبي هريرة قال: "القَلْبُ مَلِكٌ وله جنوده، فإذا أَصْلَحَ الله الملك صَلَحَتْ جُنُوده (١)، وإذا أَفْسَدَ (٢) الله المَلِكَ فَسَدَتْ جنوده، الأُذُنَانِ قِمْعٌ (٣)، العينان مَسْلَحَةٌ (٤)، اللسان تُرجمان، اليدان جناحان، الرجلان بَرِيدٌ، الكَبِدُ رحمةٌ، الطِّحَالُ ضَحِكٌ، الرئة نَفَسٌ، فإذا صَلَحَ المَلِكُ صَلَحَتْ جنوده، وإذا فَسَدَ الملك فَسَدَتْ جنوده" (٥).

وهذا لا يُحتاج إليه مع كلام النبوَّة ويَنْبُوع الحكمة، قال محمَّد : "ألَا وانَّ في الجسد مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" (٦).

ويليه اللسان؛ وهو تُرْجُمَانُه، فإذا اتَّفقَا في قَصْدٍ حَسَنٍ انتظم الأمرُ واطَّرَدَ الخَيْرُ، وإذا اضطربَا اختلَّ الكُلّ جملة وتفصيلًا.


(١) في (د) و (ص) و (ز): جنود.
(٢) في (د): فسد الملك.
(٣) ينظر تاج العروس: (٢٢/ ٨٢).
(٤) المَسلحة: هي موضع كالثغر أو المَرْقَبِ، يكون فيه أقوام يرقبون العدو لئلَّا يطرقهم على غفلة، تاج العروس: (٦/ ٤٧٩).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: كتاب الجامع، بابُ القلب، رقم: (٢٠٣٧٥).
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه عن النعمان بن بشير : كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، رقم: (٥٢ - طوق).