للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا (١) قولهم عن الشبعان: "نويتُ أن أشتهي الطعام"، فلا يماثل مسألة النية، واقْرُنْهَا بما قدَّمناه حتى ترى أن هذا كلامٌ في غير كُنْهِه؛ نِبَالٌ دُونَ نِصَالٍ، وبَدَنٌ بغير أَوْصَالٍ، وقد بيَّنَّا أنه لا تكون نيَّة إلا بعد تَقَدُّمِ مَيْلٍ.

وقولهم: "إن الانبعاث لا يُمْكِنُ اختراعُه ولا اكتسابُه" دَعْوَى، المَيْلُ فِعْلٌ من الأَفْعَالِ التي ليست بضرورية، ولذلك تَرَكَّبَتْ عليه النية، ولو كانت النية لا تدخل تحت الاختيار لمَا كانت شرطًا في صحة الأعمال الاختيارية، وهذا أَبْيَنُ من إِطْنَابٍ فيه.

تَوْكِيدٌ:

وقد اتفقت الأُمَّةُ والعقلاء من كل طائفة على التكلم في الترجيح بين النية والعمل، ولو كانت النيةُ ضروريةً والعملُ اختياريًا ما وقع بينهم ترجيح، وأيُّ حاجة تدعو إلى أن يقال: "إن النية لا تدخل تحت الاختيار" (٢)، ويُفَسَّرُ ذلك (٣) بما شاء الله من التأويل، حتى إنهم قد أكثروا عن النبي أنه قال: "نية المؤمن خَيْر من عمله" (٤)، ولم يَصِحَّ من ذلك حَرْفٌ عنه.


(١) في (س): وأمَّا عن.
(٢) الإحياء: (ص ١٧٤٣).
(٣) في (د) -أيضًا-: من.
(٤) أخرجه الطبراني في أكبر معاجمه عن سهل بن سعد السَّاعدي : (٥/ ١٨٥)، رقم: (٥٩٤٢)، وضعَّفه الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: الإحياء: (ص ١٧٣٥)، هامش رقم (١).