للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأَنِسْنهَا بالعادات، وبخلنا بأنفسنا عن المُشْترَى الهَيِّنِ الفاني بالثمن الغالي الباقي، وما وَقَيْنا أدياننا بأموالنا فضلًا عن نفوسنا، فيا لَلَّه ويا للمسلمين من هذا الحادث العظيم، الذي ليس له فرج إلا بالإقلاع والاستغفار، فلتتكلَّفوا ذلك بألسنتكم إن لم تَصْفُ عليه قلوبكم، والزموه (١) ظاهرًا؛ فإنَّ باب (٢) الله مع الملازمة سيفتح، بانتظام الباطن به، وإخلاص النية معه، فيتَّصِلُ القَبُولُ إن شاء الله.

[أسبابُ الرجاء والخوف]:

وليس لأسباب الرجاء والخوف حَصْرٌ، وإنما هي تيسيرات يوقِعُها الله في القلوب بحسب ما يختار لها من المنازل، ولكن مرجعها إلى الآيات والأخبار، حتى كان بعضُ العُبَّادِ يقول: "إن أرجى آية في كتاب الله آيةُ الديْنِ؛ فإن الدنيا حقيرة، والدَّيْنُ (٣) فيها أحقرُ من النقد، وقد أنزل الله فيها أطول آية في القرآن، فالذي حفظ أقل الدنيا بالاحتياط بمصلحة عباده في الدنيا يحفظ أدنى عباده بأعظم وسائله؛ وهي شهادةُ الحق في الآخرة".

وكذلك في جانب الخوف عَاقَبَ الكفار بأقصر آية في القرآن، وهي قوله: ﴿ذُقْ﴾ [الدخان: ٤٩]، فأهانه بالعذاب، وأظهر التشفي عليه بالانتقام، وثَرَّبَ (٤) عليه بالكلام، وعرَّفه ما انتهى إليه من سوء المقام، وهذا غاية العذاب.


(١) في (ك): والتزموه.
(٢) سقط من (ك) و (ص) و (ب).
(٣) في (ك): الذين.
(٤) ثرَّب: وبَّخه ولامه وعيَّره بذنبه، تاج العروس: (٢/ ٨٣).