للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكدَّه فقال: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا﴾ [المائده: ٩٢]، فمن انصرف عن الطاعة وتمادى على المخالفة لم يلحق للرسول من ذلك وَصْمٌ؛ لأنه قد أدَّى ما عليه.

وفي البخاري عن أبي هريرة: قال النبي: "كل أمتي يدخل الجنة إلَّا من أبى، قالوا: ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة" (١).

والطاعة موجودة صورة في كل مخلوق، قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ﴾ [الرعد: ١٥]، واختلف الناسُ في هذه الطواعية؛ هل هي مقرونة بإرادة، أم هي عبارة عن تصورها بالفعل المأمور به؟ وقد بيَّنَّا حقيقة ذلك في "المشكلين" و"التفسير" وغيره.

وقد ذَمَّ الله من سمع فلم يُطع، وعصى ولم يمتثل، فقال: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ﴾ [النساء: ٤٦]، وهذا يدخل فيه كُلُّ من ترك الطاعة وخالف الشريعة.

[التحذيرُ من رواية الإسرائيليات]:

وقال لنا: ﴿إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٠٠]، وهذه آية عظيمة، مُنبَّهَةٌ من الشريعة على منزلة كريمة، وقد تركها قوم فقبلوا من أهل الكتاب وأطاعوهم ورَوَوا عنهم


(١) أخرجه البخاري فى صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله ، رقم: (٧٢٨٠ - طوق).