للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا تلك البلاد التي كنَّا بها؛ من مصر إلى منتهى المعمور؛ شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، ما بين ما رأينا وما سمعنا؛ فإن الحنان (١) والجود غلب عليهم، فإذا رَأَتْ من يقبِلُ على الله أقبلوا عليه.

[سيرةُ ابن العربي وشيخه الطُّرْطُوشي ببيت المقدس]:

لقد كنا نخرج من المسجد الأقصى مع شيخنا أبي بكر الفِهْرِي في جملة الأصحاب على الفُتُوح، أقل ما نكون خمسة، وأكثره خمسون، فندور على قبور الأنبياء، ونجول في قُرَى الشام المجاورة المدة الطويلة، قرى ظاهرة (٢) مباركة (٣)، آمنين فرحين، يُغْدَى علينا ويُرَاحُ بما نحتاج إليه، ونحن نقطع من روضة إلى روضة، ومن متعبَّد إلى متعبَّد، وكذلك سائر الناس من متفقهة وصوفية، وكان من سيرتهم أن القرية والبلدة (٤) إذا نزل فيها الضيف وغَشِيَهُم الطارق جاءه ما يَحْتَاجُ إليه من أدنى الجوار إليه (٥)، وشُورِكَ صاحبُ المنزل في ذلك به، وكذلك كل معتكف كان في المسجد الأقصى، أو في قبور الأنبياء، أو في مشاهد الصالحين، يتناوبون بالغداء والعشاء، وذلك كله الدَّهْرَ أجمعَه، وقد شرحنا ذلك في كتاب "ترتيب الرحلة للترغيب في الملة" (٦).


(١) في (ز): الجنان، وهو تصحيف.
(٢) في (ص): طاهرة.
(٣) في (ز): مباركة طيبة.
(٤) في (ص): أو البلدة.
(٥) سقطت من (س).
(٦) هذا الذي ذكره ابن العربي عن نفسه وشيخه الطرطوشي وجماعته دالٌّ على =