للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يروى، ثم يرد القَدَحَ، حتى انتهيت إلى النبي ، وقد روى القوم كلهم، فأخذ القَدَحَ فوضعه على يده، فنظر إلىَّ فتبسَّم، فقال: أبا هِرٍّ، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: بقيتُ أنا وأنت، قلت: صدقت يا رسول الله، قال: اقعد فاشرب، فقعدت فشربت، قال: اشرب، فشربت، فما زال يقول: اشرب، حتى قلت: لا، والذي بعثك بالحق ما أجد له مَسْلَكًا، قال: فأرني، فأعطيته القَدَحَ، فحمد الله وسمَّى وشَرِبَ الفَضْلَةَ" (١).

[الحالة الثالثة]

أن يطلب له من يُرْجَى نُجْحُ طَلَبِه، في الحديث الصحيح عن جرير بن عبد الله، قال: "كُنَّا عند النبي ! في صَدْرِ النَّهَارِ، فجاءه قوم حفاة عراة مُجَتَابي النِّمار أو العَباء، مُتَقَلِّدِي السيوف، عامتهم من مُضَرَ، بل كلهم من مُضَرَ، فتمعَّر وجه رسول الله لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بِلَالًا فأذَّن، فقام فصلَّى، ثم خطب فقال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)[النساء: ١]، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)[الحشر: ١٨] تصدَّق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُرِّهِ، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشِقِّ تمرة، قال: فجاءه رجل من الأنصار بصُرَّةٍ كادت كفُّه تعجز عنها، بل


(١) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الرقاق، باب كيف كان عيش النبي وأصحابه، رقم: (٦٤٥٢ - طوق).