للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبذلك صارت القَدَرِيَّةُ من المستكبرين على الله، فإنهم يزعمون أن الله لمَّا خَلَقَ لهم القدرة والعلم والإرادة صاروا هم يفعلون بذلك كله ما أرادوا، لا ما أراد الله، ولا يَقْدِرُ الباري على دَفْعِهم بذلك.

[مناظرةٌ بين سُنِّيٍّ وقَدَرِيٍّ]:

ولقد اجتمع قَدَرِيٌّ، وسُنِّيٌّ في دعوة في بُسْتَانِ فواكه، فأخذوا في الحديث حتى قال القدري: "أنا خالق فِعْلِي، ومالك نفسي، ومُصَرِّفٌ - كبف شئتُ - أمري (١)، واسْحَنْفَرَ (٢) وخرج، وقال: يا قوم، أو يجهل هذا أحد (٣)؟ ومدَّ يده إلى غصن كان يتدلَّى فيه سَفَرْجَلَةٌ فقطعها، وقال: أليس هذا فِعْلِي وقَطْعِي؟ وما لله في هذا من عمل، فقال له السُّنِّيُّ: إن كنتَ أنت قاطعها من موضعها فرُدَّها فيه، فبُهِتَ بين الحاضرين، وانقلبت الدعوة عن ظهور السني".

والقَوْمُ من الإنصاف والعقل من حيث إذا ظهرث الحجة انقادوا إليها، ولو حادوا عنها لسقطوا من الأعين، ولم يكن لهم عند الطلبة قَدْرٌ، ولو كان في هذه البلاد لخلَّط في الجواب، وأَكْثَرَ من قول غير الصواب؛ لغلبة الجهل عليهم، وقلة الإنصاف بينهم.

[[من رؤوس المتكبرين]]

ومن رؤوس المتكبرين فِرْعَوْنُ، أنكر الإله لموسى، وسأله عنه سؤال الجاهل به (٤)، وكلَّما ذَكَرَ له موسى اسمًا ونَصَبَ له دليلًا قال له آخِرًا: "إنه


(١) في (ك) و (ص) و (ب): فعلي، ومرَّضها في (د)، والمثبت صحَّحه بطرته.
(٢) اسحنفر: مضى مسرعًا.
(٣) في (ك) و (ص) و (ب): أحد هذا.
(٤) سقط من (ك).