للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه حالَته، حتى أنزل الله توبته، وأمر بحَلِّه رسولُ الله، فقال: "والله، لا حَلَّنِي غيرُه"، فجاء رسولُ الله فحلَّه" (١).

[توبةُ كعب بن مالك]:

تاب الله على كعب بن مالك وهلال بن أمية ومُرارة بن الربيع (٢)؛ تخلَّفوا عن رسول الله في غزوة تَبُوك في جملة المنافقين، استوت حالتهم في الظاهر، واختلفت نيَّاتهم، فهؤلاء الثلاثة قعدوا تكاسلًا، والمنافقون تقاعدوا تكذيبًا وخيانة لله ورسوله، وتزهيدًا للناس عن الجهاد، فلمَّا قَدِمَ النبي حَلَفَ المنافقون وكذبوا، فقَبِلَ النبي علانيتهم، ووَكَّلَ سرائرهم إلى الله، فلمَّا جاء هؤلاء الثلاثة إلى النبي وصَدَقُوه في التخلف أمرهم بالتخلف حتى يحكم الله فيهم، فأقاموا خمسين ليلة في هجران من النبي ومن الناس وفِرَاقٍ من الأهل، وإِرْجَاءٍ من الأمر خمسين ليلة، حتى أنزل الله توبة من مضى مع النبي وضَجِر (٣)، وتوبة من أقام وصَدَقَ حين اعتذر المنافقون (٤)، وأنزل الله: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ﴾ [التوبة: ١١٧]، وثبَّت توبة من أقام وصدق حين اعتذر، حتى أنزل الله تعالى (٥): ﴿وَعَلَى الثَّلَثَةِ﴾ الآية، كما تقدَّم بيانُها آنفًا.


(١) سيرة ابن هشام: (٣/ ١٨٦ - ١٨٨)، وتفسير الطبري: (١٤/ ٤٥١).
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) في (د): صخر، وفي الطرة: في خـ: صمم.
(٤) سقط من (ك) و (ب) و (ص).
(٥) قوله: "الذين اتبعوه في ساعة العسرة .. حتى أنزل الله تعالى" لم يرد في (ك) و (ب) و (ص).