للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَشْرِيفٌ لهم حيث قَرَنَ بشهادته شهادَتهم، فشدوا عن يقين، ولم يُخبروا عن ظنون وتخمين، فهم وإن لمُ يدركوه حِسًّا، فلم يعلموه حَدْسًا، بل رأوه ببصائرهم، وسيعاينونه بأبصارهم، وأشهدهم فعَلِمُوا، واستشهدهم فشَهِدُوا (١).

قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٢ - ١٧٣].

ولو لم يُعَرِّفْهُمْ ما عرفوا، ولو لم يُشْهِدْهُمْ ما شَهِدُوا، وقد بيَّنَّا تفسير قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ﴾، وقول النبي : "إنَّ الله مسح ظهر آدم بيمينه، فاستخرج منه ذريته أمثال الذَّرِّ، وقال لهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى" (٢)، فأخبرنا الله عمَّا كان له فينا من سابق عهده، وصادق وَعْدِه، وتصريف الحال؛ كيف عُلِّمَ أثر ذلك ومن بَعْدَه (٣).

مراتبُ أولي العلم (٤):

وأُولو العلم على مراتب؛ فمن عالم يعرف ذاته، ومن عالم يعرف صفاته، ومن عالم بأحكامه، وحلاله وحرامه، ومن عالم لسنته وآثاره، وعالم يستظهر كتابه، ويعرف تأويله وتفسيره، ومُحْكَمَه وتنزيله (٥).


(١) لطائف الإشارات: (١/ ٢٢٧).
(٢) سبق تخريجه في السِّفْرِ الأوَّل.
(٣) لطائف الإشارات: (١/ ٥٨٥).
(٤) قوله: "مراتب أولي العلم" سقط من (د) و (ص) و (ك).
(٥) لطائف الإشارات: (١/ ٢٢٧).