للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[شكوى ابن العربي من أهل بلده]]

وكم عندنا من العلوم، وماذا جمعنا من الفوائد، ولم نَجِدْ لها في هذه الأقطار مَحَلًّا، ولا رأينا لها أهلًا، فخَزَنَّاها فيما بيننا وبين ربنا، واذَّخرناها ذخيرة لمُوازنة ذَنْبِنَا.

ومن أعظم السِّرِّ السِّرُّ الذي بين العبد وبين الربِّ، وذلك فِعْلُ طاعة لا يعلمها إلَّا هو، وسِرُّ معصية لم يطَّلع عليها غيره.

فأمَّا سِرُّ الطاعة فخَزْنُه أفضل، وإفشاؤه جائز إذا أُمنت منه الغوائل، وقد تقدم بيانه.

وأمَّا سِرُّ المعصية فإفشاؤه معصية أخرى، ولا يزال العبدُ في رجاء من المغفرة ما لم يُحَدِّثْ بمعصيته، فإذا حدَّث بها كان الرجاء أضعف، وقد تقدَّم حديث ابن عمر في مناجاة الرب للعبد المذنب، وقوله: "أنا سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم" (١).

وأمَّا إذا تاب الرجلُ من الذنب (٢) الذي لم يطَّلع عليه غيره؛ فقد بيَّنَّا أن الأفضل كَتْمُه، وإفشاؤه جائز إذا صحَّت فيه نية التوبة.

موعظة: [في متعلَّقات الوفاء وثوابه]

في هذا الباب تنبيه على فُصُولٍ من متعلقات الوفاء وثوابه في باب الاعتقاد والعمل:


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) في (ك): الذنوب، وضرب عليها في (ك).