وابتدأ باسم "العالم"؛ لأن النجاة لا تكون إلَّا بالعلم، ومعرفة أوصاب الدنيا لا تكون إلَّا بالعلم، وبالعلم يعرف ربَّه، ويعلم قَدْرَه وقُدَرَه، وهو شرفه ومنزلته التي زَكَى بها، قال ابنُ العربي:"إنه مُقَدِّمَةٌ لكل معنَى دنيوي وأخروي، ومن خَلَا عنه هَلَكَ في أمور دُنياه ففاتته وتَشَعَّبَتْ عليه، ومن فاتته في معاني آخِرَته كَفَرَ ولم يَعْلَمْ، وعصى ولم يَشْعُرْ"(١).
ثم ثَنَّى باسم "العاقل"؛ لأن العلم هو العقل، لا تفرقة بينهما، سيَّان أن تقول: علمت، وأن تقول: عقلت، فناسب أن يكونَا متعاقبين في الترتيب، غير مستنكرين في هذا التبويب، فتمَّم في اسم "العاقل" ما بدأه في اسم "العالم"، دلالةً على الرَّبْطِ، وتبيانًا لهذا الترادف.
وذَكَرَ بعده "الإنسان"، ولا أحسبه ذكره إلَّا رَدًّا على الخلاف الذي أحدثه فيه بعض المتكلمة، ونقضًا لما قرَّروه، كما فعلوا في سابِقَيْه، فناسب أن يُلْحِقَهُ بهما؛ لأن الإنسان هو العاقل العالم، وبه يتبيَّن موقعه وموضعه.
وهذه الأسماء الثلاثة مرتبطة بعضها ببعض، وهي على نَسَقٍ، ويصح أن تكون مجموعة واحدة، ويُبْنَى عليها ما يلتحق بها.
ويَقْفُوهَا أربعة أسماء أخرى، مرتبطة بعضها ببعض، وهي:"المؤمن "، "المسلم"، "الدَّيِّنُ"، " المُوَحِّدُ"، وتتداخل الأسماء، وتتداخل معانيها، فابتناءُ الدِّينِ على الإيمان والإسلام والتوحيد، ولا يكون ذلك إلَّا