ولا أعلم كتابًا في فضائل الأعمال ورغائب الأحوال بلغ هذا المبلغ، وكفى الناس مؤنة النظر فيما يساق من أحاديث وآثار، ونحن نرى كُتُبَ الزهد والتصوف والمواعظ عامرة بالضعيف والمنكر والموضوع، حتى أنتج ذلك جملة من البدع والتعمقات التي أفسدت تدين الناس، وسلكت بهم مسالك لا يرضاها السلف الصالح من الصحابة والتابعين.
[تكميل]
إن الكشف عن معالم الصنعة الحديثية للإمام الحافظ أبي بكر بن العربي يحتاج إلى تتبع كبير لكل مصنفاته التي وصلتْ إلينا، ويكون ذلك عبر جملة أمور:
الأوَّل: الكشف عن قواعد التعليل والتصحيح في كتبه.
الثاني: تتبع المصطلح النقدي وتحديد مجالاته.
الثالث: الكشف عن موارده الحديثية وتصنيفها.
الرابع: الكشف عن أثر ذلك كله في كُتُبِ الخالفين، خصوصًا كتب تلامذته، كالسُّهَيلي، وابن بشكوال، وابن عُبَيد الله، وغيرهم.
وهذا الذي كتبته هنا إنما هو محاولة لفهم أصول هذه الصنعة واستمداداتها، وربطها بمشروعه العلمي الكبير، والذي حاول من خلاله الإمامُ ابن العربي أن يُقَدِّمَ خدمة عظمى لهذه الأمة الإسلامية، بعدما رأى حالة الضعف التي طالت علوم الإسلام.