للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئًا، فإني أُشهدك أني قد تصدَّقتُ بها على المذنبين من أمة محمد ، أو من أهل الموقف، فرأى الله تعالى في المنام، فقال له: أعلينا تَتَسَخَّى؟ أُشهدك أَنِّي قد غفرتُ لهم ولك" (١).

وقد قيل لابن عمر: "ما أكثر الحاج! فقال: ما أقلهم" (٢).

نَظَرَ الأوَّلُ إلى كثرة الرَّاكِبِ؛ ونظر ابنُ عمر إلى قلة المخْلِصِ.

وكان الدَّامَغاني (٣) بعرفة إذا رأى ذلك الجمع العظيم يَخِرُّونَ يقول: "اللَّهم اقبَلني معهم وإن كنت زائفًا، فقد يسمحُ الناقد وإن كان عارفًا" (٤).

[حقيقةُ الحاجِّ]:

والحاجُّ (٥) - عند الجميع -: من عَقَدَ (٦) بقلبه رَفْضَ (٧) الدنيا كما رفضها بلباسه، وأن يتجرَّد للمولى كما تجرَّد عن هيئة الدنيا، وينبذ كل طريق، ويرجع إليه بالتحقيق، وإذا اغتسل من الأدناس الظاهرة فليغسل قلبه


(١) تاريخ بغداد: (١٤/ ٢٦٨)، ونحوها في قوت القلوب: (٣/ ١٢٦٤).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف: كتاب المناسك، باب ما أقل الحاج، (٥/ ١٩)، رقم: (٨٨٣٦).
(٣) الإمام الفقيه العلَّامة، محمد بن علي بن حَسُّويَه، أبو عبد الله الدامَغاني الحنفي، (٣٩٨ - ٤٧٨ هـ)، ترجمته في: تاريخ بغداد: (٤/ ١٨٣ - ١٨٤)، والأنساب: (٥/ ٢٥٩)، وسير النبلاء: (١٨/ ٤٨٥ - ٤٨٧).
(٤) ذكر ابنُ العربي في القبس (٢/ ٥٧٧) أن الفقيه القاضي أبا المعالي عَزِيزي بن شَيْذَلَةَ أخبره بهذا الذي حكاه عن الإمام الدامَغاني.
(٥) ينظر: القبس: (٢/ ٥٧٦ - ٥٧٧).
(٦) في (ص): عمر.
(٧) في (ص): ورفض.