للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنَّما ذهب من تكلَّم عليه من الغَفَلَةِ الأُدَبَاءَ والمُؤَرِّخِينَ إلى ما رأى من كثرة (١) آفات الكلام، وأن السَّلامة في الصمت.

وفي الحقيقة: قد يكون الهلاكُ في الصمت؛ إذا سكت عن الإيمان وقَوْلِ الحق حيث يجب عليه، ولكن الكلام كثير الآفات لشَرَفِه، فلمَّا كثرت آفاتُه عَسُرَ على المُقَصِّرِينَ تجريدُه عنها؛ فصاروا يتهافتون عليها ولا يُخَلِّصُونَهُ (٢) منها، فهربُوا إلى السكوت، وإلَّا فلا (٣) يجهل مُحَصِّلٌ أن الكلام أفضل، ولأجل كثرة آفاته قال ابن مسعود: "ما رأيتُ شيئًا أحق بطُولِ سِجْنٍ من لسان" (٤).

ومن الحكمة: "إيَّاك أن يضرب لسانُك عنقَك" (٥).

وفي البخاري عن أبي هريرة: أن النبي قال: "إن الرجل ليتكلَّم بالكلمة ما يُلْقِي لها بالًا؛ يهوي بها في النار سبعين خريفًا" (٦).

شُرُوطُ التوبة:

ولا تصح التوبة للمرء إلَّا بأن يندم على ما فرَّط، ويعزم على ألَّا يفعل في المستقبل، ويؤدي الحقوق التي تعدَّى فيها إلى أربابها إن عَلِمَهُمْ، وإلَّا تصدَّق بها عنهم، وكل معصية- ما عدا شرب الخمر- مُتَعَلِّقٌ (٧) بها


(١) في (د): كر.
(٢) في (ص): يحصلونه.
(٣) سقط من (د).
(٤) روضة العقلاء لابن حبان: (ص ٤٨).
(٥) الأمثال لأبي عُبَيد: (ص ٤١).
(٦) سلف تخريجه.
(٧) في (ك) و (ص) و (ب): يتعلق.