للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحالة الثانية]

فإذا (١) بَلَغَتْه الحاجة أن يتعرَّض ولا يطلب، وهو من آداب الطلب، ألا ترى إلى (٢) أيوب مع الذي بلغ إليه من البكاء كيف قال: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ [الأنبياء: ٨٢]، ولم يسال صريحًا، وإلى مُحَمَّدٍ كيف كان يرفع بصره إلى السماء مُتَعَرِّضًا للدعاء، فقيل له: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ [البقرة: ١٤٣]، وانظر إلى أَدْنَى من ذلك وأقلَّ في آداب المخلوقين، واستغراقهم في صفة الكريم، وقال (٣) شاعرُهم لكريمهم:

أَأَطْلُبُ حاجتي أم قد كفاني … حيائي (٤) إن شيمتك الحياءُ (٥)

إذا أثنى عليك المرءُ يومًا … كفاه (٦) من تعرضه الثناءُ

وقد رَوَيْنَا من طُرُقٍ عديدة حِسَانٍ: عن النبي : يقول الله: "من شَغَلَهُ ذِكْرِي عن مسألتي أعطيته أفضل ما أُعطي السائلين" (٧).


(١) في (د) و (ص): إذا، وأشار إليها في (س).
(٢) في (س): أن.
(٣) في (د) و (ص): فقال.
(٤) في (ص): حياؤك.
(٥) البيتان لأمية بن أبي الصلت، يمدح بها ابن جدعان، ديوانه: (ص ٣٣٣ - ٣٣٤).
(٦) في (س): كفاك.
(٧) أخرجه الترمذي في جامعه من حديث أبي سعيد الخدري : أبواب فضائل القرآن، رقم: (٢٩٢٦ - بشار)، قال أبو عيسى: "هذا حديث حسن غريب"، وفي نسخة ابن حسنون التي يرويها عن ابن العربي: قال: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، وإنما حسَّنه ابن العربي لكثرة طرقه.