للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حَقِيقَةُ الكَسْبِ] (١):

وهو قد رمى بدليل قوله: ﴿رَمَيْتَ﴾، وأضاف الفعل إليه ونفاه عنه، وكلاهما صِدْقٌ، فإنه أضافه إليه عربيَّةً (٢)، ونفاه عنه حقيقةً، ويحتمل أنه أضافه إليه لأنه خَلَقَ الحركة فيه، ونفاه عنه لأن التبليغ إلى الكفار (٣) المرمي به كان من خَلْقِ الله في عَبْدِه، يُدَبِّرُ الأمر، يُفَصِّلُ الآيات، ويُبَلِّغُها إلينا محكمات ومتشابهات.

فإن قيل: فهذا هو القول بالجبر؟

قلنا: ليس في الجبر خَبَرٌ (٤)، وإنكارُ القَدَرِ كُفْرٌ، ونحن بُرَآءُ من الوجهين:

أمَّا القَدَرُ فصحيحٌ على ما بيَّناه وأوضحناه.

وأمَّا أن الله خَالِقُ كل شيء، وأن (٥) العبد لا يخلق شيئًا، فبَيِّنٌ ظاهرٌ مقطوعٌ به.

وأمَّا لفظ الجَبْرِ فمُعَارِضٌ للشرع (٦)؛ فإنَّ الله خلق المشيئة في العبد وأثبتها له لفظًا، ونفاها عنه خَلْقًا، فالقول بالجَبْرِ تكذيبٌ لله، والقول بخَلْقِ المرء لِفِعْل تَشْرِيكٌ مع الله، والاعتقادُ لما قال الله وأَخْبَرَ به ورَتَّبَ عليه قَوْلَه


(١) من طرة بـ (س)، وفوقها: بخطه، أي: ممَّا وُجِدَ بخطِّ القاضي ابن العربي.
(٢) في (س): عزيمة، وما أثبتناه صحَّحه بطرته.
(٣) في (ص): للكفار للمرمي به.
(٤) في (س) و (ز): خير.
(٥) سقط من (س).
(٦) في (ص): الشريعة.