للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفرقة قالت: "لا رجاء مع مواقعة ذنب واحد من الكبائر" (١)، وهي التي ردَّ عليها أبو عُبَيد (٢).

وفرقة ثالثة توسَّطت، وقالت: "لا خوف مع الانكفاف عن المزجور والامتثال للمأمور، ولا رجاء مع الكفر بالله".

وإذا تحصَّلت الشهادتان وواقع العبدُ مع ذلك الذنوب فهو على رجاء من المغفرة وخوف من العقوبة، فلينظر لنفسه في الارتقاء عن هذه المنزلة إلى مقام التائبين حتى يحصل من الناجين.

وقال فريقٌ - بعد أن يتوب أو يكون مطيعًا لم يَعْصِ -: لا ينبغي له أن يفارق الفَرَقَ (٣) على الهلكة؛ فإنه لا يعلم هل وفَّى بما عاهد عليه الله؟ وهل امتمل ما أمر به وهل تَحْسُنُ (٤) خاتمته؟

وهذه كلها مخاوف لا يقع فيها الأَمْنُ إلَّا عند الوفاء (٥)، فيكون أيضًا على هذه المنازل الشريفة راجيًا في رحمة الله خائفًا لعقاب الله ﷿.

حالُ الأنبياء في الخوف:

حتى إنَّ الأنبياء يخافون الله مع أنه أمَّنهم وعرَّفهم منازلهم، وأخبرهم بحُسْنِ الخاتمة لهم، وقد اختلف الناسُ في جهة خوفهم مع الثقة بأَمْنِهم


(١) وهو قول القدرية، ينظر: الإيمان لأبي عبيد: (ص ١٠١)، وقوت القلوب: (٢/ ٦٦٣).
(٢) في (د) و (ك) و (ب) و (ص): ورد عليها الوعيد، ومرَّضها في (د).
(٣) الفَرَقُ: الخوف.
(٤) في (د): وهو يُحسن.
(٥) في (ك) و (ب) و (ص): الوفاة.