للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدَّمت الأحاديث بسلامة أهل التوحيد من الخلود.

وأمَّا العِصْمَةُ من العذاب فباجتناب الذنوب؛ فإِنْ وَاقَعَ الذنوب فأمرُه إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، والأخبار في ذلك قد تقدَّم أكثَرُها، وبيَّنَّا أصولها في المقام الثالث.

[تحقيق]

قد تبيَّن لكم من الآيات والآثار الصحيحة أنَّ الإيمانَ والإسلامَ جُمْلَةُ أَعْمَالٍ في القلوب والأبدان، وتَوَضَّحَ (١) جريانُهما (٢) على معانيهما (٣) في العربية؛ من الأمان والسلامة حقيقةً، وإنَّما عُبِّرَ بهما عن العِلْمِ لما يكون من ابتنائهما عليه، فلمَّا كان مُقَدِّمَةً لهما سُمِّيَا به، وهذا أَحَدُ رُكْنَي المجاز على ما بينَّاه في "كُتُبِ الأصول"، ويأتي إيضاحُه مخصوصًا هَاهُنَا الآن إن شاء الله.

ولم يَبْقَ بعد بيان الله له في كتابه وعلى لسان رسوله؛ تمثيلًا لشجرة، وتجزئةً بسبعين جُزْءًا؛ مَوْضِعٌ للإشكال فيه، ولكثرة ما ذَكَرَه كذلك دلَّ على أنه حقيقة، والمجازُ تَسْمِيَتُه تَصْدِيقًا، وإنَّما فرَّ علماؤنا من تسمية الأعمال إبمانًا لإِلْحَاحِ المبتدعة عليهم بأن العاصي مُخَلَّدٌ في النار، ولو كان العصيان في أعمال الإيمان كُفْرًا لأَوْجَبَتْ التخليد، فأرادوا قَطْعَهم من


(١) في (س): نوضح.
(٢) في (د): جريانها.
(٣) في (د): معانيها.