للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النِّكَاحُ

إن الله تعالى لو شاء خَلَقَ الأمةَ كلها دَفْعَةً واحدة، وعمَّهم بالرزق جملة، ولكنه سبحانه ببديع حِكْمَتِه ونافذ مشيئته وواسع عِلْمِه وشمول رحمته خلقهم أطوارًا، وأوجدهم قرونًا، وأنشأهم من نفس واحدة إنشاءً؛ على ترتيب عجيب، وتدريج في تدريب، وخَلَقَ في نوعيهم - الذكر والأنثى - الميْل والهوى، ولم يتركهم سُدًى في اقتضائها (١) فيكونوا أمثال الأنعام، فشرع لهم النكاح، ووعد فيه بالتوفيق والإصلاح، وأزال الكُلفة عند تعذر ذلك، ورفع الخَبال، وقد تباينت فيه المِلل، فختم الله بمُحَمَّدٍ فَاتِحَتَها، وألحق به سابقتها، وندب رسول الله إليها كثيرًا، حتى بالغ قَوْمٌ فقالوا: (إنه فَرْضٌ على كل محتلم إذا قَدَرَ عليه) (٢)، والصحيحُ أنه مندوب إليه.

قال النبي : (يا معشر الشباب، عليكم بالباءة؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجَاءٌ) (٣).


(١) في (ص): في اقتضائها سدى.
(٢) ممَّن قال بوجوبه أهلُ الظاهر، المسالك: (٥/ ٤٢٦)، والإشراف: (٢/ ٦٨٥).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود : كتاب الصوم، باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة، رقم: (١٩٠٥) - طوق).